المقالة التاسعة : الطبيعة عديمة الضمير للحزب الشيوعي الصيني
توطئة
الشرطة توقف ممارسي فالون غونغ الذين تظاهروا سلميا في ساحة تيان آن مان للمطالبة بحقهم - 11 مايو 2000 (أ.ف.ب/صور جاتي)
لأكثر من قرن، ملأت الحركة الشيوعية الدنيا صخبًا، ولكنها لم تجلب للإنسانية سوى الحروب، والبؤس، والعنف، والديكتاتورية. مع نهاية القرن الماضي، ومع انهيار الاتحاد السوفياتي والأحزاب الشيوعية في أوروبا الشرقية، دخلت هذه الميلودراما الكارثية وعديمة المعنى أخيرا في مرحلتها النهائية. لم يعد أيّ مواطن- بدءًا من الإنسان العاديّ إلى الأمين العامّ للحزب الشيوعي- يُؤمن بأسطورة الشيوعية.
لم ينشأ النظام الشيوعي عن "حكم بالحقّ الإلهي" ولا عن انتخابات ديموقراطية. اليوم، بما أنّ ايديولوجيته قد انهارت، فإنّ شرعيّة حكمه تواجه تحدّيًا لا مثيل له.
الحزب الشيوعي الصيني لا يُريد مفارقة مسرح الأحداث ولا يُريد اتّباع سيرورة التاريخ. بل بالعكس هو يلجأ للوسائل العنيفة التي أرساها طيلة عشرات السنين من الحملات السياسية، ليشنّ من جديد صراعًا هائجًا، باحثًا عن الشرعيّة، ونافثًا نفَسًا جديدًا في حكم قد أشرف على الموت. سياسات الإصلاح والانفتاح التي انتهجها الح ش ص تُخفي نيّته اليائسة في الحفاظ على اهتمام الناس وعلى سلطته الشمولية. رغم سياسات التقشّف فإنّ النجاحات الاقتصادية، والتي هي ثمرة عمل الشعب الصيني طيلة العشرين المنصرمة، لم تقنع الح ش ص بوضع سكّين الجزار جانبًا.
عوضًا عن هذا، هو يُسند هذه النجاحات لنفسه ليُثبّت سيادته، إنّ تصرّفه المجرّد من كلّ مبادئ يصير مراوغًا أكثر فأكثر وكاذبًا أكثر فأكثر. وأكثر شيء مفزع هو أنه يفعل كلّ شيء لتقويض الأسس الأخلاقية للأمّة، محاولاً أن يُحوّل كلّ صينيّ إلى شخص استغلاليّ بالقوّة وذلك ليخلق محيطا ملائمًا له و"يستمرّ في السير عكس الزمن".
في اللحظة التاريخية الراهنة، من الهامّ جدّا أن نفهم بوضوح لِمَ يتصرّف الح ش ص كمجموعة من السفلة وأن نفضح طبيعته الشريرة لكي تتمكّن الأمّة الصينية من الوصول الى استقرار وسلم دائمين، والدخول في أقصر وقت ممكن إلى حقبة لا مكان فيها للح ش ص وإعادة بناء المجد القوميّ.
.Iالطبع عديم الذمّة للح ش ص لم يتغيّر أبدًا
لأجل من قام الح ش ص بالإصلاح ؟
على مدى التاريخ، كلّما واجه الح ش ص أزمات، أبدى بعض النيّة في التحسّن، جاعلاً الناس يتعلّقون من جديد بالوهم، وهم الح ش ص. وما حصل هو أنّ هذه الأوهام تلاشت بدون استثناء، الواحد تلو الآخر. اليوم يسعى الح ش ص إلى تحقيق أرباح على المدى القصير، وبهذا التصرّف، يُعطي انطباعًا بالرخاء الاقتصادي يُقنع الناس مرّة أخرى بتصديق أوهام الح ش ص. ومع ذلك فإنّ التضارب بين المصالح الأساسية للح ش ص والمصالح الأساسية للأمّة سينجرّ عنه أن هذا الرخاء المزيّف لن يدوم. إنّ "الإصلاح" الذي تعهّد به الح ش ص وراءه غاية : تمديد حكمه. إنه إصلاح أعرج وتغيير في المظاهر لا في الجوهر. إنّ النموّ غير المتوازن يُخفي أزمة اجتماعيّة كبيرة. عندما ستنفجر هذه الأزمة فإنّ الأمّة والشعب سيتعذبان من جديد.
مع تغيير الحكومة، نجد أنّ الجيل الجديد من قادة الح ش ص لم يشارك في الثورة الشيوعية، لذا فليس لهذا الجيل الجديد مقدار كاف من الهيبة والمصداقية ليسيّر الأمّة. الح ش ص يواجه أزمة شرعيّة، وفي هذه الأزمة يُضحي الدفاع عن مصالح الحزب الضمان الأساسي للحفاظ على المصالح الشخصية لكلّ فرد داخل الح ش ص. طبيعة الح ش ص طبيعة أنانيّة، ولا حدود لهذه الأنانيّة. واهمٌ من يظنّ أنّ حزبًا كهذا يمكن أن يُسخّر نفسه لتنمية البلاد بشكل سلميّ.
فلنأخذ ما تقوله صحيفة "البيبلز دايلي"، لسان الح ش ص، في مقالها الذي يتصدّر الصفحة الأولى من عدد 12 يولية 2004 :"إنّ جدليّات التاريخ قد لقنت أعضاء الح ش ص الدرس التالي : الأشياء التي ينبغي أن تتغيّر عليها أن تتغيّر، وإلاّ فإنّ ما سيعقبُ ذلك هو التدهور والانحلال، والأشياء التي ينبغي ألاّ تتغيّر عليها ألاّ تتغيّر، وإلاّ فإنّ ذلك سيقود إلى الانتحار.
ما اللذي لا يجب أن يتغيّر ؟ تفسّر صحيفة البيبلز دايلي :"الخط القاعدي للحزب، "مركز ونقطتا ارتكاز"، يجب أن يبقى راسخًا بثبات لمدّة قرن دون أيّ اهتزاز".
الناس لا يفهمون بالضرورة ماذا يعني "المركز" وماذا تعني "نقطتا الارتكاز"، ولكن الجميع يعلم أن ما لا يتغيّر أبدًا هو العزم المحموم للحزب الشيوعي على الحفاظ على مصلحته الجماعية وعلى ديكتاتوريّته. لقد هُزمت الشيوعية في مجملها وهي سائرة رويدًا رويدًا نحو لفظ أنفاسها الأخيرة، لا محيد عن هذا القدر. ولكن من جهة أخرى كلّما اقترب الشيء من الموت كلّما كان نزاعه الأخير مُدمّرًا. لذا عندما نتحدّث عن تحسّنات ديموقراطية مع الحزب الشيوعي، فكما لو كنّا نطالب نمرًا بتغيير جلده.
ماذا ستفعل الصين بدون الحزب الشيوعيّ ؟
كلّما اتّجه الح ش ص إلى التدهور أكثر، كلّما اكتشف الناس بطريقة لا مُتوقعة أنه مدّة عشرات السنين قد نفث شبح الح ش ص الشرّير، بطرقه الغادرة والمتبدّلة دومًا، العناصر المؤذية في كلّ جوانب حياة المواطنين الصينيين.
عند موت ماوو تسي تونغ بكى الكثير والكثير من الصينيين بمرارة أمام صورة ماوو وهم يتساءلون :"ماذا ستصبح الصين بدون الرئيس ماوو ؟" ومن سخريّة القدر، عشرون سنة بعد ذلك التاريخ، وفي الوقت الذي يتساءل فيه العالم عن الشرعيّة السياسية للحزب الشيوعي، هاهو الح ش ص يُطلق حملة دعائيّة جديدة، دافعًا الناس إلى طرح التساؤل مرّة أخرى :"ماذا ستصبح الصين بدون الحزب الشيوعي ؟"
في الحقيقة، السيطرة السياسية المهيمنة للح ش ص قد طبعت الثقافة الصينية المُعاصرة بالحديد الأحمر إلى درجة أنه حتّى المقاييس التي يُقيّم بها الصينيون الح ش ص والحالة الذهنية والنفسية للصينيين آتية من الح ش ص نفسه. إن كان الح ش ص يُهيمن على الناس نتيجة لما حقن فيهم من عناصر ضارّة، فهو اليوم يجني ما زرعه، لأنّ كلّ تلك تالأشياء التي بثّها في نفوس الناس قد هُضمت وامتصّتها كلّ خليّة من خلاياهم. الناس يُفكّرون بمنطق الح ش ص، ويضعون أنفسهم مكان الح ش ص ليُميّزوا بين الصواب والخطأ. بالنسبة لمجزرة الطلبة المتظاهرين في 4 يونيو 1989، بعضهم قالوا :"إذا كنتُ مكان دانغ سياوبينغ، كنتُ أنا أيضًا سأقمع المظاهرات بالدبّابات." بالنسبة لاضطهاد الفالون غونغ، بعضهم يقولون :"لو كنتُ مكان جيانغ زمين، كنتُ أيضًا سأقضي على الفالون غونغ." بالنسبة لمنع حرّية التعبير بعض الأشخاص يقولون :"لو كنتُ مكان الح ش ص، كنتُ سأتصرّف بنفس الطريقة." لقد تلاشى الحقّ وتلاشى الضمير، تاركيْن المجال لمنطق الح ش ص فحسبُ. هذه هي عاقبة الطرق الشريرة وشديدة العنف التي طبّقها الح ش ص. طالما استمرّ في نفث أخلاقيّاته المسمومة في نفوس الناس، فسيكون قادرًا على شحن الطاقة اللازمة لبقاءه على قيد الحياة.
"ماذا ستفعل الصين بدون الح ش ص ؟" أسلوب التفكير هذا يبقى منحصرًا بالضبط في الإطار الذي يُريده الح ش ص، يُفكّر الناس مُستعملين منطقه هو.
لقد عبرت الصين 5000 سنة من التاريخ دون الح ش ص. ليس هناك بلد واحد في العالم يُوقف تقدّمه الاجتماعيّ بسبب سقوط نظام مهما كان. ورغم ذلك، إثر مرور عشرات السنين تحت نير الح ش ص، لم يعد الناس قادرين على إدراك هذا بوضوح. الدعاية التي ملأ بها الح ش ص أسماع الناس أوصلت الناس إلى درجة أنهم يعتبرون الح ش ص الأمّ التي ولدتهم. سياسة الح ش ص المهيمنة والحاضرة في كلّ جوانب الحياة جعلت من الناس لا يستطيعون تصوّر حياتهم بدون الح ش ص. بدون ماوو لم تغرق الصين، فهل ستغرق يا ترى بدون الح ش ص ؟
ما هو السبب الأصلي للاضطراب ؟
الكثير من الناس يعرفون السلوك الماكيافلّي للح ش ص ولا يستحسنونه، ولقد ملّوا صراعاته وأكاذيبه. ولكنهم يخافون من حركاته السياسية ومن الاضطراب الذي ينتج عنها، ويخشون أن تسود الفوضى الصين من جديد. لذلك عندما يُهدّد الح ش ص الناس بوقوع اضطرابات، يُذعنون في صمتٍ لنفوذه، شاعرين بالعجز أمام استبداد الح ش ص.
في الحقيقة أصل الاضطراب هو الح ش ص نفسه، بفرقه التي يبلغ عددها الملايين وبوليسه المسلّح. المواطنون العاديّون ليست لديهم أيّ مصلحة في اختلاق الاضطرابات، ولا هم يملكون الوسائل والإمكانيّات أيضًا. فقط الح ش ص الذي يوشك أن ينهار يملك من الجنون ما يجعله يقود البلاد إلى الاضطراب. "الاستقرار يعلو على كلّ شيءٍ" و "قتل عناصر عدم الاستقرار وهي في البيضة" هي شعارات أضحت القاعدة النظريّة للح ش ص لقمع الناس. من هو المسؤول الأكبر عن عدم الاستقرار الذي يسود الصين ؟ أليس هو الح ش ص الذي تضلّع في الطغيان وبرع فيه ؟ الح ش ص يُرسي الاضطراب، ثمّ في المقابل يستعمل الفوضى ليُبقي الناس تحت مخالبه. هذا التصرّف يشترك فيه كلّ المجرمين.
II. الح ش ص يُضحّي بالنمو الاقتصادي
1- يبني الح ش ص مصداقيّته على عمل الآخرين وجهودهم
الح ش ص يُطالب بالشرعية ويدّعي أنه يستحقّها، ذريعته في ذلك هو التطور الاقتصادي الذي تحقّق خلال العشرين سنة الماضية. ولكن في الحقيقة الشعب الصيني هو الذي حقّق تدريجيّا هذا التطوّر عندما انفكّت منجلة الح ش ص عنه قليلاً، إذًا هذا لا علاقة له بفضل الح ش ص. ورغم ذلك أشرع الح ش ص هذا التطوّر الاقتصادي على أنه إنجازه هو- إنجازه الناجح، مطالبًا الناس بالاعتراف بالجميل. ما يتطلّع إليه هو أن يعتقد الناس أنه لم يكن لأيّ من هذه التطورات الاقتصادية أن تقع لولاه هو. نحن نعلم جيّدًا أنّ بلدانًا غير شيوعيّة بلغت نموّا اقتصاديّا أسرع من ذاك بوقت طويل.
عندما يربح الرياضيّون ميداليّات أولمبية ذهبية، عليهم أن يشكروا الح ش ص. لم يتردّد الح ش ص في استعمال هذه الصورة المفبركة، صورة "أمّة تحبّ الرياضة وتبجّلها" لكي يمدح نفسه. لقد تعذبت الصين بشدّة من وباء السراس ولكن البيبلز دايلي أوردت في تقاريرها عدّة مرات أن الصين تغلّبت على الفايروس "بفضل اتّباعها لنظريّة الحزب، وخط سيره، ومبادئه، وتجربته". إنّ الأخصّائيّين في علم الفضاء والتكنولوجيا هم من أطلقوا المركبة الفضائية "شانجو-V" – ولكن الح ش ص استعمل هذا الحدث ليبيّن أنّ الح ش ص هو الوحيد القادر على رفع الصينيين إلى مصاف القوى العالمية الكبرى. بينما حيازة الصين على حقّ تنظيم الألعاب الأولمبية في 2008، ما كان ذلك في الحقيقة إلاّ "غصن زيتون" وضعته الدول الغربية في يد الصين لتشجّعها على احترام حقوق الإنسان. وقد استعمل الح ش ص هذا الأمر لكي يُصعّد من مطالبته بالشرعية واستعمله كتعلّة لقمع الشعب الصيني. المستثمرون الأجانب يسعون وراء "السوق الافتراضية الصينية الكبرى"، وهذا عائد إلى القدرة الاستهلاكية للشعب الصيني –الذي يعد3ّ, 1 مليار نسمة. أمّا الح ش ص فقد أدار دفّة الأمور لصالحه وحوّل هذه الخاصّية إلى سلاح يُخضِعُ به الدول الغربية ويُجبرها على التعاون معه وفق قواعد يُسطّرها هو.
الح ش ص يُرجِعُ كلّ ما هو سيّء للقوى الرجعيّة وللغايات السرّية لبعض الأشخاص ويُرجِعُ كلّ ما هو إيجابيّ لكفاءة مسيّري الحزب. سوف يستعمل الح ش ص أقلّ نجاح ولو كان ضئيلاً ليزيّن به ادّعاءه للشرعية. الحزب قادر حتّى على استعمال الأخطاء التي ارتكبها وإعادة توظيفها لصالحه ولخدمة أهدافه. مثلا عندما لم يعد الح ش ص قادرًا على حجب الحقيقة بشأن وباء السيدا، خلق لنفسه فجأة هويّة جديدة، لقد عبّأ بعناية آلة الدعاية عنده، مستعملأً كلّ الناس- من الممثّلين المعروفين إلى الأمين العامّ للحزب- ليُقنعوا الرأي العامّ بأنّ الح ش ص – والذي هو المسؤول الأساسي عمّا يحدث – يُحسن للمرضى ويرعاهم، وأنه عدوّ للسيدا ومكافح للمرض. في مواجهة هذه المسألة، والتي هي مسألة حياة أو موت، لم يجد الح ش ص أفضل من استغلال الوضعيّة لتمجيد صورته من جديدٍ. فقط استغلاليّون بحجم فساد الح ش ص قادرون على إتيان تصرّفات عديمة الرحمة ومتهوّرة مثل هذه، وعلى استغلال كلّ شيء وتوظيفه لمصلحتهم متجاهلين الحياة البشرية كلّ التجاهل.
2- المساوئ الاقتصادية الناتجة عن رؤية على المدى القصير
عندما واجه الح ش ص بجدّية "أزمة شرعيّة"، قاد سياسات إصلاح وانفتاح في السنوات 1980، بهدف البقاء في السلطة. نهمه في تحقيق نجاحات سريعة وضع الصين في وضعيّة غير جيّدة يُسمّيها خبراء الاقتصاد بـ :"لعنة المتأخّر".
مفاهيم "لعنة المتأخّر" أو"صفة المتأخّر" مثلما يسمّيها مثقّفون آخرون، تعني أنّ البلدان السائرة في طريق النموّ، والتي بدأت تطوّرها بصفة متأخّرة، يُمكن لها أن تقلّد البلدان المتقدّمة في كثير من الجوانب. هذا التقليد يُمكن أن يتّخذ شكليْن : تقليد النظام الاجتماعي أو تقليد الأنماط التكنولوجية والصناعية. تقليد نظام اجتماعي هو في العادة أمر صعب، لأنّ إصلاح هذا النظام يضع في خطر المصالح التي اكتسبتها بعض المجموعات الاجتماعية أوالسياسية. لذلك فإنّ البلدان التي هي في طريق النمو تتّجه في غالب الأحيان نحو التقليد التكنولوجي يُمكن أن يُنتج نموّا اقتصاديّا على المدى القصير، فيُمكن أن ينتج عنه أيضًا كثير من الأخطار الخفيّة أو حتّى فشلٌ على المدى البعيد.
هذه هي "لعنة المتأخّر"، أو طريق الفشل، التي اتّبعها الح ش ص. أثناء العشريّتين الأخيرتين، قاد "التقليد التكنولوجي" الصين إلى بعض النجاحات، والتي استفاد منها الح ش ص ليُبرّر شرعيّته ويستمدّ في استبعاد إصلاحات اقتصاديّة من شأنها أن تُزعزع مصالحه الخاصّة. وهكذا وقعت التضحية بمصالح الأمّة على المدى البعيد.
التطوّر الاقتصادي للح ش ص باهظ الثمن
إن كان الح ش ص يفتخرُ دومًا بتقدّمه الاقتصادي، ففي الحقيقة الاقتصاد الحاليّ للصين يقع في الترتيب العالمي في مرتبة أقلّ من التي كان فيها في عهد تشيانلونغ (1711-1799) أثناء حكم التشينغ. أثناء فترة التشيانلونغ، كان الناتج القوميّ الخامّ للصين يرتفع إلى 51% من الناتج الإجمالي العالمي. في السنوات الأولى التي تلت تأسيس الجمهورية الصينية (الكوومينتانغ) من طرف سون يات سن في 1911، كان الناتج القومي الخام للصين يصل إلى 27% من الإجمالي العالمي. في 1923، نزلت النسبة المائوية، ولكنها ظلّت فوق 12%. في 1949، عندما أخذ الح ش ص السلطة، كانت النسبة 7, 5%، ولكن في 2003، لم يعد الناتج القومي الخام للصين يتجاوز الـ 4% من الإجمالي العالمي. على عكس التراجع الاقتصادي الذي أتى في فترة الكوومينتانغ- والذي هو عائدٌ إلى عدّة عقود من الحرب- فإنّ التراجع الاقتصادي المستمرّ أثناء حكم الح ش ص أتى في فترة سلمٍ.
ابتداءًا من السنوات 1980 وصولاً إلى نهاية السنوات 1990، زادت رقعة التصحّر في الصين من 1000 كلم مربع إلى 2460 كلم مربع. أمّا مساحة الأراضي الصالحة للزراعة للشخص الواحد فقد هوت أيضًا من 2 مو في 1983 إلى43, 1 مو في 2003. الموجة الكبرى لتسييج الملكيّات من أجل التطوير أفقدت الصين 100 مليون مو من الأراضي الصالحة للزراعة في ظرف بضعة سنين فقط. ومع هذا، لم يقع استعمال سوى43% من الأٍاضي المُصادرَة. حاليّا يبلغ مجموع صرف المياه المُستعملة 95, 43 مليار طن، وهو رقم يتجاوز قدرة البيئة على الاستيعاب بـ 82%. في الأنهار الرئيسية السبعة الكبرى، 9,40% من الماء غير صالح لشراب الإنسان ولا الماشية، 75% من البحيرات ملوّثة ومياهها لا تحتوي على قدر كافٍ من الأوكسيجين، ممّا تسبّب في إحداث ظاهرة تجمّع البقايا العضوية العفنة في المياه الآسنة. لم تكن أبدًا الصراعات بين الإنسان والطبيعة في تاريخ الصين خطرة كما هي في عصرنا الحاليّ. لا الصين ولا بقيّة العالم بإمكانهما أن يتحمّلا تطوّرًا سقيمًا كهذا. ليس ما في الأمر غير أنّ الناس بهرهم البريق الخلاّب لناطحات السحاب والمساكن الفاخرة، فغفلوا عن الأزمة البيئيّة القادمة، بل وشيكة الحدوث. عندما يحين الوقت الذي تبدأ فيه الطبيعة في الانتقام من البشر، ستكون العواقب كارثيّة بالنسبة للأمّة الصينية.
وبالمقارنة، فإنّ روسيا بعد أن تخلّت عن الشيوعيّة، قامت بإصلاحات سياسية واقتصادية في نفس الوقت. بعد أن عاشت فترة وجيزة من الاحتضار، انطلقت في عملية نموّ سريع. من 1999 إلى 2003، زاد الناتج القومي الخامّ الروسي بنسبة 29،9 % كما تحسّن مستوى العيش للمواطنين الروسيين بطريقة ملحوظة. وأخذت الدوائر الاقتصادية الغربية في مناقشة "ظاهرة الاقتصاد الروسي" وليس هذا فقط بل بدأت في الاستثمار على نطاق واسع في روسيا، مكان الموضة الجديدة. ترتيب روسيا ضمن الأمم الأكثر جاذبية قفز من المرتبة 17 سنة 2002 إلى المرتبة 8 سنة 2003، والتحقت –لأوّل مرّة في تاريخها- بركب الأمم العشر الأولى الأكثر جذبًا للمستثمرين.
وحتّى الهند، والذي هو بلد مرتبط في أذهان أغلب الصينيين بالفقر، وتهزّه صراعات عرقيّة لا تُحصى، تمتّع بنموّ مطّرد وبلغ نسبة نموّ اقتصاديّ من 7 إلى 8% في السنة منذ أن بدأ إصلاحاته الاقتصادية سنة 1991. تتمتّع الهند بنظام تشريعيّ كامل نسبيّا فيما يخص اقتصاد السوق، وبنظام جبائيّ مُتعافٍ، وبنظام ديموقراطي متطوّر وبعقليّة جماهيريّة مستقرّة. لقد شهد الرأي العام العالمي للهند بأنها بلد يتمتّع باحتياطي تنمويّ قويّ.
أمّا الح ش ص فلم يقم سوى بإصلاحات اقتصادية، دون القيام بإصلاحات سياسية. المظهر الخادع لاقتصاد مزدهر على المدى القصير والذي خلق وهم نظام اجتماعي، قد عرقل "النموّ الطبيعي للأنظمة الاجتماعية". إنّ هذا الإصلاح المبتور هو ما زاد في عدم توازن المجتمع الصيني وعمّق الصراعات الاجتماعية. الأرباح المالية ليست دائمًا محميّة من طرف الأنظمة الاجتماعية. وبالإضافة إلى ذلك، في مسار خوصصة أملاك الدولة، استغلّ مسيّرو الح ش ص مناصبهم للإثراء.
الح ش ص يخدع الفلاّحين بطريقة متكرّرة
لقد اتّكأ الح ش ص على الفلاّحين ليفوز بالسلطة. في الفترة الأولى من نموّه، قام قرويّو المناطق الخاضعة للح ش ص بإعطائه كلّ ما يملكون. ولكن حالما أخذ بزمام الحكم في البلاد عانى الفلاّحون من تمييز مرير.
بعد أن أسّس الح ش ص الحكومة أرسى نظامًا جائرًا جدّا : دفتر تعيين محلّ الإقامة. هذا النظام يُقسّم الناس إلى ريفيّين وغير ريفيّين، مُحدثًا تقسيمًا غير متوازن وتعارضًا في كامل البلاد. القرويّون ليس لديهم تأمين على المرض ولا هم يحصلون على منحة عاطل عن العمل، ولا على جراية تقاعد، ولا يستطيعون اقتراض مال من البنوك. الفلاّحون ينتمون إلى أفقر طبقة في الصين، ولكنهم يحملون على عاتقهم أثقل عبء جبائي. عليهم أن يدفعوا منحة إجبارية لصندوق احتياطي، ومنحة أخرى لصندوق رفاه عمومي، وضرائب تصرّف إداريّ، وضرائب خصوصية من أجل التربية، وضرائب لمراقبة الولادات، وضرائب لتنظيم الميليشيات وتدريبها، وضرائب من أجل بناء الطرقات، وضرائب من أجل التعويض العسكري. إلى جانب كلّ هذه الضرائب، عليهم أيضًا أن يبيعوا نصيبًا من محصولهم من الحبوب للدولة بنسب ثابتة، وأن يدفعوا الجبايات الزراعية، وجبايات على الأراضي، وجبايات خاصّة بالإنتاج المحلّي، وجبايات خاصّة بالجزارة، بالإضافة إلى جبايات أخرى كثيرة. المواطنون غير القرويّين ليس عليهم أن يدفعوا كلّ هذه الجبايات والضرائب.
في بداية السنوات 2004، نشير الوزير الأول الصيني "وان جياباوو" "الوثيقة رقم 1" وفيها تصريح بأن الصين القروية تواجه اليوم أصعب وضعيّة منذ الإصلاحات الاقتصادية ىسنة 1978. مداخيل أغلب القرويّين في ركود أو حتّى أنها تقلّصت. أصبح هؤلاء القرويّون أفقر وأفقر والهوّة بين المدخول الحضري والمدخول القروي لم تفتأ تتّسع.
في ضيعة غابيّة في شرق إقليم سيشوان، وزّعت السلطات العليا 500،000 يوان (ما يعادل تقريبًا 60،500 دولار) لغرض مشروع إعادة بعث الغابات. أوّل ما فعله المشرفون على الضيعة هو دسّ 200،000 يوان في جيوبهم، وتركوا الـ 300،000 يوان الباقين لغرس الأشجار. ولكن بما أنه في كلّ مستوى في الحكومة يقع اختلاس نصيب من المبلغ، ففي النهاية لم يبق إلاّ النزر اليسير جدّا للفلاّحين الذين قاموا بغرس الأشجار فعلاً. لم تكن الحكومة تخشى هذا الأمر لأنها متأكّدة أنّ الفلاّحين كانوا لن يرفضوا القيام بالعمل، حتّى ولو كانت الأجور غير كافية. الفلاّحون هم حقّا فقراء إلى درجة أنهم يمكن أن يعملوا حتّى مقابل القليل جدّا من المال. هذا هو أيضًا السبب الذي من أجله نرى البضائع المصنوعة في الصين زهيدة الثمن إلى تلك الدرجة.
الضغط على البلدان الغربية من خلال المصالح الاقتصادية
يظنّ الكثير من الناس أن التجارة مع الصين سوف تُحسّن وضعيّة حقوق الإنسان هنالك، ووضعيّة حرّية التعبير والإصلاحات الديموقراطية. بعد مرور أكثر من عقدٍ من الزمن، يبدو واضحًا للعيان أنّ هذه التخمينات لم تكن سوى أوهامًا. الفرق بين الوسائل التجارية في الصين والغرب شاسع. ما نجده نزاهة وشفافيّة في المجتمعات الغربية نجده محسوبيّة وفسادًا وتدليسًا في الصين. الكثير من المجتمعات الغربية ارتكبت ذنبًا من حيث لا تشعر لأنها عمّقت الفساد الصيني، بل وحتّى أنّ بعض الشركات ساعدت الح ش ص على إخفاء جرائمه في مجال حقوق الإنسان واضطهاده لشعبه.
يتصرّف الح ش ص كأشبه ما يكون بالمافيا التي تلعب ورقة الاقتصاد في مجال الديبلوماسية الخارجية. ما بين فرنسا والولايات المتحدة، البلد الذي سيفوز منهما بعقد تصنيع الطائرات، سيكون عليه أن يصمت عن مسألة حقوق الإنسان بالصين. الكثير من رجال الأعمال والسياسيّين الغربيّين تحرّكهم المصالح الاقتصاديّة مع الصين، وتتحكّم فيهم. بعض شركات أمريكا الشمالية في ميدان الإعلامية التكنولوجية منحت للح ش ص منتوجات مختصّة ليمارس الحصار على الانترنت. بعض مواقع الانترنت، من أجل الحصول على حقّ الدخول للسوق الصينية، قبلت بأن تطبّق الرقابة الذاتيّة، وتصفّي المعلومات التي لا تروق للح ش ص.
وفق معطيات تابعة لوزارة التجارة الصينية، تلقّت الصين في نهاية شهر أبريل 2004 ما يعادل أكثر من 990 مليار دولار استثماراتٍ خارجيّة بفضل عقودٍ عديدةٍ. "الضخّ الدموي الهائل" الذي يصبّ في اقتصاد الح ش ص والآتي من رؤوس الأموال الأجنبية موجود، ولكنّ كلّ عمليّات الاستثمار لرؤوس الأموال الأجنبيّة لم تجلب للشعب الصيني مفاهيم الديموقراطية والحرّية وحقوق الإنسان كمبادئ أساسيّة. يراهن الح ش ص في دعايته على التعاون اللاّ- مشروط للمستثمرين الأجانب والحكومات وعلى سعي بعض البلدان للتملّق له. أمّا موظّفو الح ش ص فهم يستغلّون الازدهار السطحي للاقتصاد الصيني، وأصبحوا بارعين في التصرّف وإدارة العمليّات لاقتسام ثروات الدولة وسدّ الطريق أمام الإصلاحات السياسية.
III. تقنيات غسل الدماغ التي يمارسها الح ش ص تتحوّل من العلن إلى الخفاء
كثيرًا ما نسمع الناس يقولون :"أعرف أنّ الح ش ص كذب كثيرًا في السابق، ولكن هذه المرّة هو يقول الحقيقة." من سخرية القدر أن نجد أنّ هذا ما كان يقوله الناس أيضًا بعد كلّ مرّة ارتكب فيها الح ش ص خطأً في الماضي. هذا يعكس القدرة التي نمّاها الح ش ص على مرّ عشرات السنين، بلجوءه للكذب لخداع الشعب.
لقد تكوّن لدى الناس شعور بالحذر والريبة صاروا يُحسّون به كلّما استمعوا لـ"بطولات" للح ش ص، وكردّة فعل على ذلك أصبحت حيل الح ش ص ودعاياته أكثر "حرفيّةً" وأكثر "تفنّنًا". لقد تطوّرت أكاذيب الح ش ص، مرورًا بأسلوب الشعارات –التي كانت تُرفـَعُ في الحملات الدعائية- لتصبح خفيّة أكثر ودقيقة أكثر و"حرفيّة" أكثر. وخصوصًا في مجال الحصار الذي أقامه الح ش ص على الانترنت، إذ يخترع قصصًا تعتمد على أحداثٍ جزء منها موجودٌ فعلاً في الحقيقة – بهدف خداع الناس، وهو أسلوبٌ أشدّ نكاية وأكثر غشّا من أسلوب "الروايات البطوليّة الكبرى" الذي كان يعتمده في الماضي.
تشاينا سكوب، وهي صحيفة ناطقة باللغة الانكليزية، أصدرت مقالاً في شهر أكتوبر 2004، يتناول بالتحليل الحالات التي لجأ فيها الح ش ص إلى أساليب أكثر تفنّنًا في صنع الأكاذيب، بهدف إخفاء الحقيقة. أثناء وباء السراس الذي ظهر في الصين سنة 2003، كان بقيّة العالم يشكّ أن الصين تُخفي معلومات بشأن الوباء، ولكنّ الح ش ص رفض المرّة تلو الأخرى الاعتراف بهذا. لمعرفة ما إذا كان الح ش ص قد قال الحقيقة في تقريره بشأن السراس، قام محرّر مقال تشاينا سكوب بقراءة أكثر من 400 تقرير بشأن السراس على موقع تشينهوا منذ بداية الوباء وصولا إلى أبريل 2003.
هذه التقارير تسرد الأحداث التالية : ما إن ظهر السراس حتّى جنّدت الحكومة –على المستوييْن المركزي والمحلّي- خبراء لإعطاء الناس علاجًا مناسبًا- وكان المرضى يتمّ تسريحهم حالما يُشفوْن- وكردّ على بعض المشوّشين الذين يُحرّضون الناس على توخّي الحذر وعدم الخروج عندما يكون المرض قد انتشر بسرعة، وضعت الحكومة حدّا للشائعات الجديدة، واتّخذت إجراءاتٍ لكي لا تنتشر تلك الشائعات أكثر، وهكذا تمّ الحفاظ على النظام الاجتماعي. ورغم أنّ عددًا قليلاً من القوى المُعادية للصين كان يشكّ –شكّا لا يستند إلى أيّ أساس- أنّ الحكومة الصينية تُخفي الحقيقة، فإنّ معظم الناس والبلدان لم يُصدّقوا هذه الشائعات. كان المعرض التجاري لغوانغجو آنذاك على وشك أن يستقبل أكبر عددٍ في تاريخه من المؤسّسات المشاركة في المعرض، والآتية من العالم أجمع، وأكّد السيّاح أيضًا أنّ السفر إلى الصين لم يكن أمرًا مُخطرًا. خبراء منظمة الصحة العالمية -من جهتهم- انطلى عليهم خداع الح ش ص، وأعلنوا أن الحكومة الصينية تصرّفت التصرّف الأمثل بتعاونها وباتّخاذ الإجراءات المناسبة بخصوص السراس بحيث أنه لم تعد هناك مشاكل. وأعطى الأخصّائيّون الإشارة الخضراء (بعد تأجيل دام 20 يومًا) لإجراء فحوصاتٍ في مقاطعة غوانغدونغ.
التقارير الأربعمائة تركت لدى قارئها -الكاتب- الانطباع بأنّ الح ش ص كان على الأرجح شفّافًا والتزم بمسؤوليّة حماية صحّة الناس طيلة تلك الشهور الأربعة، لذلك فقد دعى الناس إلى عدم تصديق أنّ الح ش ص قد أخفى شيئًا، مهما يكُن. ولكن في 20 أبريل 2003، وأثناء ندوته الصحفيّة التي عقدها، قام مكتب الصحافة التابع لمجلس شؤون الدولة بالإعلان أنّ السراس كان قد انتشر بالفعل في الصين، وهكذا فقد اعترف بطريقة ضمنيّة بأنّ الحكومة قد أخفت الوباء. فقط آنذاك اكتشف ذلك الكاتب الحقيقة وأدرك الوسائل الخبيثة والمُخادعة للح ش ص والتي "ازدادت مع مرور الزمن".
أثناء الانتخابات التي جرت في تايوان، لجأ الح ش ص إلى نفس الطريقة "المُتدرّجة" و"الخفيّة"، وأوهم الناس بأنّ انتخاباتٍ رئاسيّة ستقود إلى كارثة، وإلى ارتفاع في نسبة الانتحار، وإلى انهيار لسوق البورصة، وإلى ازديادٍ في نسبة "الأمراض الغريبة"، وإلى اضطرابات عقليّة، وإلى هجرة سكّان الجزيرة منها، وإلى خلافاتٍ عائليّة، وإلى مرارة جماعيّة، وإلى تراجع اقتصاديّ، وإلى طلقات ناريّة تُضرَبُ في الشوارع دون هدفٍ مُحدّدٍ، وإلى احتجاجاتٍ، وإلى مظاهراتٍ أمام مقرّ مبنى الرئاسة، وإلى اضطرابات اجتماعيّة، وإلى مهزلة سياسيّة، الخ. لقد أعاد الح ش ص هذا يوميّا على أسماع الشعب الصيني في شبه القارّة الصينية، بهدف أن يقتنع الناس بفكرة أنّ "انتخاباتٍ يُمكن أن تتسبّب في هذا النوع من الأحداث"، وأنه علينا "ألاّ نُجري أبدًا انتخابات ديموقراطية".
بالنسبة للفالون غونغ، أظهر الح ش ص براعةً أكثر، باختلاقه لأكاذيب تُجرّم الفالون غونغ. لقد ألّف الح ش ص مسرحيّة تلو المسرحيّة. لا غرو إذًا أنّ كلّ ذلك العدد من الصينيّين تمّ خداعهم. إنّ الدعاية الخبيثة للح ش ص مُضلّلة إلى درجة أنّ الناس الذين يستمعون إلى أكاذيبها يميلون إلى تصديقها ويعتقدون أنّ ما يُقال لهم هو الحقيقة.
على مرّ عقودٍ من السنين، أصبحت البروباغاندا التي يقوم بها الح ش ص عبر غسله للأدمغة أكثر تخفّيًا واكتسبت أكثر فنّياتٍ، وازدادت هكذا قدرتها على الخداع، وهذه نتيجة طبيعية للخاصّية التي يملكها الح ش ص والمتمثلة في : انعدام الضمير.
.IV خداع الح ش ص بشأن حقوق الإنسان
من استخدام الديموقراطية للاستحواذ على السلطة إلى السلطة الاستبدادية والخداع بشأن حقوق الإنسان
"في أمّة ديموقراطية، يجب أن يكون الحكم بيد الشعب، وهو ما يتّفق مع القوانين السماوية والأرضية. في صورة وجود أمّة تدّعي أنها ديموقراطية ولكن حكمها لا يستند إلى إرادة شعبها، فهذا يعني أن الطريق الذي سارت فيه ليس الطريق الصحيح، ولا يُمكن إلاّ أن يكون انحرافًا عن الطريق الصحيح، هذه الأمّة إذًا ليست أمّة ديموقراطية [...] كيف يكون حكمٌ ديموقراطيّ مّا ممكنًا بدون انتهاء هيمنة الحزب وبدون انتخابات شعبيّة ؟ أعيدوا للشعب حقوق الشعب !" ستظنّون ربّما أنّ هذا المقال كتبه بعض "الأعداء الأجانب" الذين يُريدون أن ينالوا من الح ش ص. ولكن في الحقيقة هذا التصريح مأخوذ من مقال صادر بصحيفة شينهوا دايلي، الصحيفة الرسمية للح ش ص، بتاريخ 27 سبتمبر 1945.
الح ش ص الذي طالما صدح بشأن "انتخابات شعبية" وطالب بـ "عودة حقوق الشعب للشعب" هو نفسه من اعتبر أنّ "الاستفتاء الشعبي" مُحرّم منذ أن استولى على السلطة. الناس الذين من المفروض أنهم "أسياد وأصحاب الدولة" ليس لهم الحقّ في اتّخاذ قراراتهم الخاصة. تعوزنا العبارات فعلاً لوصف طبيعة الح ش ص عديمة الضمير.
أنتم مخطئون إن كنتم من بين أولئك الذين يظنون أن الماضي قد فات وأنّ طائفة الح ش ص الشريرة، التي ازدهرت بفضل القتل وسيّرت أمّة بواسطة الأكاذيب، ستشرع الآن في إصلاح نفسها، بنيّة صادقة في التصرّف تصرّفًا طيّبًا وإرجاع "حقوق الشعب للشعب". في صحيفة البيبلز دايلي، قال الناطق الرسمي باسم الح ش ص، في 23 نوفمبر 2004، أي 60 عامًا بعد التصريح السابق :"إنّ السيطرة الثابتة على الايديولوجيا هي الأساس الايديولوجي والسياسي الأساسي لحكومة الحزب."
مُؤخّرًا اقترح الح ش ص "مبدأ الـ"لا" الثلاثة" (يزعم أنها مبادئ جديدة)- الـ"لا" الأولى هي "التنمية دون جدال"، الهدف الحقيقي للح ش ص ليس "التنمية" ولكنه يُريد أن يُؤكّد على "دون جدال"، مُرسيًا مبدأ "صوت واحد، مجموعة واحدة" كهدف حقيقيّ للح ش ص.
لمّا سأل مراسل السي بي آس الصحفيّ الشهير "مايك ولاّس" جيانغ زمين سنة 2000 عن السبب الذي من أجله لم تُنظّم الصين انتخابات، أجابه أن "الشعب الصيني ليس متعلّمًا بما فيه الكفاية".
ومع ذلك، في 25 فبراير 1939 كان الح ش ص يصدح في صحيفته الشينهوا دايلي بما يلي :"هم (الكوومينتانغ) يظنّون أنه من غير الممكن تطبيق سياسات ديموقراطية في الصين اليوم، وأنه لا يمكن تطبيقها سوى في ظرف بضعة سنوات. هم يظنّون أن السياسات الديموقراطية يجب أن تنتظر أن تبلغ المعرفة والمستوى التعليمي للصينيّين مستوى الطبقة البورجوازية الديموقراطية في بلدان أوروبّا وأمريكا [...] ولكن تعليم الناس وتكوينهم لا يتيسّران سوى في ظلّ نظام ديموقراطيّ."
هذا النفاق وهذا التباين بين ما قالته الشينهوا سنة 1939 وبين ما قاله جيانغ زمين سنة 2000 يعكس جيّدًا الطبيعة الجائرة للح ش ص. بعد مجزرة ساحة تيانانمن سنة 1989، أعاد الح ش ص الظهور من جديد على الساحة العالمية، مصحوبًا بسمعة مُزرية فيما يتعلّق بحقوق الإنسان. لقد منح التاريخ للح ش ص فرصة الاختيار، فإمّا أن يتعلّم أن يحترم شعبه ويُحسّن وضعيّة حقوق الإنسان، وإمّا أن يستمرّ في رفض حقوق الإنسان مُدّعيًا في الظاهر وأمام العالم الخارجي أنه يحترمها وذلك ليتجنّب الإدانة الدوليّة.
للأسف، فإنّ الح ش ص قام باختيار يتّفق مع طبيعته المنافقة، فاختار الطريق الثاني. لقد جمع معًا عددًا كبيرًا من أصحاب الخبرات والمواهب في المجالات العلميّة والدينيّة- واختصّ بالاختيار أشخاصًا يفتقرون للنزاهة والأمانة- ودعمهم، وكلّفهم بمهمّة القيام بدعاية كاذبة يتغنّون بها في الخارج، فحواها أنّ الح ش ص آخذ في التحسّن فيما يتعلّق بحقوق الإنسان. وقد انتقى مجموعة من "الحقوق المزيّفة" التي لا مُبرّر لوجودها مثل "حقّ العيش" و "حقّ السكن" و حقّ الملجأ"، وكانت حججه كما يلي :"عندما يجوع الناس، أفليس لهم الحقّ في التعبير ؟ وحتّى إن لم يكن الجائعون يستطيعون التعبير، أيحقّ لأولئك الذين ملئوا معدتهم أن يُعبّروا لصالح الجائعين ؟" لقد حاول الح ش ص حتّى أن يخدع الشعب الصيني والديموقراطيات الغربية مُتلاعبًا بحقوق الإنسان، لقد وجد الجرأة ليقول :"الفترة الحاليّة هي الأفضل فيما يخصّ حقوق الإنسان".
الفصل 35 من الدستور الصيني ينصّ على أنّ مواطني الجمهورية الشعبية الصينية لهم حقّ التعبير، وحقّ النشر، وحقّ التجمّع، وحقّ إنشاء جمعيّات، وحقّ الاحتجاج والتظاهر. الح ش ص يلعب على الكلمات، هذا ما في الأمر. في ظلّ حكم الح ش ص، حُرم عدد لا يُحصى من الناس من حقّ الاعتقاد، وحقّ التعبير، وحقّ النشر، وحقّ التجمّع...بل لقد صرّح الح ش ص أنه لا يحقّ لبعض المجموعات أن تطالب بحقّها لدى السّلط العليا، وأنّ ذلك غير قانونيّ. في 2004، حدث مرّات عديدة أنّ مجموعاتٍ من المدنيّين تقدّمت بطلب السماح لها بالتظاهر في بيكين. فماذا فعلت الحكومة ؟ بدل أن تمنحهم الترخيص، اعتقلتهم. سياسة "دولة واحدة ونظامان" في هونغ كونغ، والتي أقرّها دستور الح ش ص، هي أيضًا كمين. لقد ادّعى الح ش ص أنه لن يُغيّر شيئًا في هونغ كونغ طيلة 50 سنة، ولكن لم تمرّ خمس سنوات بعدُ من تاريخ إرجاع هونغ كونغ للصين حتّى كان يُحاول أن يُلغي النظام المزدوج ويُعوّضه بالنظام الواحد بواسطة تشريع استبداديّ، الفصل 23 من القانون المِلاك.
المؤامرة الرهيبة الجديدة التي استخدمها الح ش ص هي استعمال ما يُشبه "تساهلاً في الكلام" ليُخفي عمله المُكثّف في المراقبة والسيطرة. يبدو أنّ الصينيّين يتكلّمون بحرّية أكثر اليوم والانترنت جعلت الأخبار تتنقّل بسرعة أكبر. وهكذا فإنّ الح ش ص يُعلن للجميع أنه الآن يسمح بحرّية التعبير ويبدو أن الكثيرين يُصدّقونه. ولكن كلّ هذا ليس سوى أكذوبة. ليس ما في الأمر أنّ الح ش ص أصبح طيّبًا، ولكن أنّ الحزب لم يكن بإمكانه أن يمنع التطوّر الاجتماعي والتقدّم التكنولوجي. فلنر الدور الذي يلعبه الح ش ص بخصوص الانترنت : إنه يحجب بعض مواقع الانترنت، ويُصفّي المعلومة، ويٌراقب الحوارات على مواقع التواصل، ويقوم برقابة على الايمايلات، ويحكم على بعض مستعملي الانترنت بدفع غرامات ثقيلة. كلّ ما يقوم به هو ذو طبيعة قمعية. اليوم، وبمساعدة الرأسماليين الذين لا يهتمّون لا بحقوق الإنسان ولا بصوت ضمائرهم، شرطة الح ش ص مزوّدة بوسائل تكنولوجيا عالية يراقبون بها -دون أن يبرحوا مكانهم في سيارات دوريّات الشرطة- كلّ ما يقوم به مستعملو الانترنت. عندما نتأمّل تدهور الح ش ص الذي يرتكب أفعالاً شرّيرة في وضح النهار وفي سياق عامّ يتّصف بالتوجّه نحو الحرّية والديموقراطية، كيف لنا أن نرتجي منه أن يحقّق تقدّمًا فيما يتعلّق بحقوق الإنسان ؟ لقد لخّص الح ش ص بنفسه الوضعيّة مستعملاً العبارات التالية :"لقد حدث تساهل باتّجاه الخارج، ولكن نحن نُضيّق المنجلة باتّجاه الداخل." الطبيعة عديمة الضمير لم تتغيّر أبدًا في الحقيقة.
في سنة 2004، ولكي يُعطي عن نفسه صورة إيجابية أثناء انعقاد لجنة الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، مثّل الح ش ص مسرحيّة : قام بمحاسبة أولئك الذين ارتكبوا انتهاكات في مجال حقوق الإنسان ومعاقبتهم بشدّة. ولكن هذه الأحداث كانت مُعَدّة ليراها الغرباء لا غير ولم يكن لديها أيّ قيمة جوهريّة. السبب هو أنّ أكبر مجرم في مجال انتهاكات حقوق الإنسان هو الح ش ص نفسه، وأيضًا جيانغ زمين، الأمين العام الأسبق للجنة السياسية والقضائية، والوزير دجو يونغكانغ ونائب الوزير لوي دجينغ عن وزارة الأمن العمومي. وضع الثقة في مثل هؤلاء لمعاقبة من انتهك حقوق الإنسان هو بمثابة تكليف رئيس عصابة بأن يقبض على لصوص.
يُمكن لنوضّح الأمر أن نُشبّه ذلك بسفّاح اعتاد-عندما يكون بمعزل عن الأنظار-أن يعتدي على عشرة نساء في اليوم. أمّا وهناك كثير من الناس حوله، لا يستطيع أن يعتدي سوى على امرأة واحدة من الجمع. هل بإمكاننا القول أنّ هذا السفّاح تطوّر إيجابيّا ؟ عندما يمرّ من الهجوم الخفيّ إلى الهجوم العلنيّ على مرأىً ومسمع من الناس، فهذا على العكس يدلّ على أنه أصبح أكثر شرّا وأكثر وقاحة من ذي قبل. طبيعة السفّاح لم تتغيّر قطّ. ما تغيّر هو أنّ ارتكاب الجريمة لم يعد سهلاً بالنسبة له كالسابق.
الح ش ص لا يختلف عن السفّاح أو المغتصب. طبيعته الديكتاتورية وخوفه الغريزيّ من فقدان السلطة يجعلانه لا يحترم مطلقًا حقوق الإنسان. الموارد البشرية، والمادية، والمالية المُستخدمة لغرض إخفاء سوابقه في مجال حقوق الإنسان تجاوزت بكثير ما بذله حقّا من جهودٍ لتحسين وضعيّة حقوق الإنسان. أكبر مصيبة للشعب الصيني كانت عنف الح ش ص على مدى المجازر والاضطهادات القاسية التي أدمت أرض الصين.
ارتكاب أفعال مُشينة من وراء قناع والتخفّي وراء القانون
لحماية أرباح بعض المجموعات ذوات المصالح، ألغى الح ش ص من جهةٍ واجهته القديمة وتخلّى تمامًا عن العملة والفلاّحين والشعب، ومن جهةٍ أخرى التجأ إلى وسائل غير نظيفة وفاسدة، في الوقت الذي كانت فيه انتهاكات حقوق الإنسان التي اقترفها الح ش ص تنكشف أكثر وأكثر لأنظار المجتمع الدّولي. لقد استعمل الح ش ص مصطلحات شعبيّة متداولة مثل "سلطة القانون"، "السوق"، "من أجل الشعب"، و"الإصلاح" بهدف بثّ الحيرة في نفوس الناس.
الح ش ص لا يستطيع تغيير طبيعته الشريرة حتّى وإن ارتدى "ثوبًا غربيّا". مثل هذه الصورة هي ببساطة أكثر خداعًا من الح ش ص وهو "في ثوب ماوو". في مزرعة جورج أورويل (1945)، بدأت الخنازير تتعلّم الارتفاع والمشي على قائمتين من قوائمها. صحيح أنّ هذه الموهبة التي اكتسبتها أضفت عليها صورة جديدة، ولكنّ طبيعتها بقيت طبيعة خنازير.
أ- خلق قوانين وتراتيب تخرق الدستور الصيني
هناك تراتيب وقوانين تخرق الدستور يتمّ تمريرها كـ "قاعدة قانونية" إلى الموظفين المسؤولين عن حفظ النظام، وذلك للقضاء على جهود الناس التي تناضل ضدّ الاضطهاد، وتدافع عن حرّيات وحقوق الإنسان.
ب- المشاكل غير السياسية تُعالَجُ بطرق سياسية
مشكل اجتماعي عادي يتمّ تحويله إلى "صراع ضدّ الحزب من أجل الجماهير"، إلى "التسبّب في اضمحلال الحزب واضمحلال البلد"، إلى "تمرّد"، وإلى "قوى مُعادية". مشكل ذو طبيعة غير سياسية يتمّ "تسييسه" عمدًا لكي يتسنّى للح ش ص أن يستعمل الحركة السياسية كآلة بروباغاندا لحضّ الناس على الكراهية.
ج- المشاكل السياسية تُعالَجُ بطرق غير سياسية
آخر مؤامرةٍ للح ش ص لمهاجمة المدنيّين الديموقراطيّين والمثقفين ذوي التفكير المستقلّ هي وضع "شراك" لاعتقالهم. هذه "الشراك" تحتوي على اتّهامات باطلة بمخالفة القانون المدني مثل ممارسة البغاء وعدم تسديد الضرائب، ولكنّ المُعتدين لا يظهرون للنور أبدًا ليتجنّبوا الإدانة من جماعات خارجية. هذه الجرائم، والتي هي كافية لتدمير سمعة المتّهمين، تُستَعمَلُ أيضًا لإهانة الضحايا على الملأ.
إن كان ثمّة تغيير قد حصل في الطبيعة عديمة الضمير للح ش ص، فهو أنه قد أصبح جشعًا أكثر ومُجرّدًا من الإنسانية أكثر.
الح ش ص يُمسك بأكثر من مليار شخص رهائن لفلسفته الفاسدة
تخيّلوا أنّ مُجرمًا لا تزجره عقيدة أو قانون يدخل منزل امرأة ويغتصبها. أثناء محاكمته يُدافع المُغتصِب عن نفسه قائلاً أنه لم يقتل الضحيّة بل فقط اغتصبها. ولأنّ القتل أخطر من الاغتصاب، فهو يُؤكّد أنه بريء وأنه يجب إطلاق سراحه على الفور؛ ويقول أيضًا أنه يجدُرُ بالناس أن يُهنّؤوه بكونه لم يقتل بل لم يفعل سوى أن اغتصب. هذا المنطق يبدو مُثيرًا للضحك والسخرية. ولكن المنطق الذي استعمله الح ش ص ليُبرّر مجزرة ساحة تيانانمن في 4 يونيو 1989 هو تمامًا نفس منطق المجرم المذكور أعلاه. لقد شدّد الح ش ص على أنّ "قمع الطلبة" تمّ بفضله تلافي "فوضى داخليّة" في الصين. إذًا بهدف "تلافي فوضى داخلية" يُصبح "قمع الطلبة" مُبرّرًا.
"القتل أم الاغتصاب، أيّهما أحسن ؟" إن طرح أحد المجرمين هذا السؤال على قاضٍ في المحكمة فهذا لا يدلّ سوى على مدى انعدام الضمير لدى هذا المجرم. بنفس الشكل، بخصوص مجزرة ساحة تيانانمن، لم يُفكّر الح ش ص وعُصبته في مسألة ما إذا كانوا مُذنبين بالقتل أم لا. بل على العكس طلبوا من المجتمع :"ما الأفضل، قمع الطلبة أم فوضى داخلية يُمكن أن تقود إلى حرب أهلية ؟"
يُسيطر الح ش ص على كلّ مكنة الدولة وكلّ وسائل الدعاية. بعبارة أخرى، الـ 1,3 مليار صيني هم رهائن لدى الح ش ص. مع 1,3 مليار رهينة بحوزته، يُمكن للح ش ص المُضيّ قدُمًا في "نظريّة الرهينة" قائلاً أنه إن لم يقمع بعض المجموعات من الناس، فإنّ الأمّة بأكملها ستسقط في القلاقل أوالكوارث. مع عُذر كهذا في الواجهة، يُمكن للح ش ص أن يقمع أيّ فرد وأيّ مجموعة مثلما يشاء، ويكون قمعه دائمًا مُبَرّرًا. إذا تأمّلنا مثل هذه الحُجج غير النزيهة، ومثل هذه الاستدلالات العقيمة، هل هناك مُجرمون في العالم أكثر صفاقة من الح ش ص ؟
الجزرة والعصا، من منح "الحرّية" إلى تصاعد القمع
الكثير من الصينيين لديهم الانطباع أنهم الآن يتمتّعون بأكثر "حرّية" من السابق، لذلك لديهم الأمل أنّ الح ش ص سيتحسّن في الآتي من الأيام. في الحقيقة درجة الحرّية "المُعطاة" للناس مُرتبطة كثيرا بخوف الح ش ص من حالة الاحتقان. الح ش ص على استعدادٍ لأن يقوم بكلّ شيءٍ ليُحافظ على المصالح الجماعية للحزب، بما في ذلك منح الناس ديموقراطية أو حرّية أو حقوق إنسان مزعومة.
ورغم ذلك، تحت حكم الح ش ص، هذه "الحرّية" المزعومة التي منحها ليست محميّة من أيّ قانون. "حرّية" كهذه لا تعدو أن تكون أداةً لتخدير الناس والتحكّم فيهم وهي في نفس الوقت اتّباع لمسار التوجّه العالمي العامّ نحو الديموقراطية. هذه "الحرّية" هي في الأساس في صراع مع ديكتاتوريّة الح ش ص. حالما يتجاوز صراعٌ كهذا الحدود التي يسمح بها الح ش ص ويقبلها، فإنّ الح ش ص يسحب على الفور كلّ "حرّية". في تاريخ الح ش ص، كانت هناك عديد الفترات التي نجد فيها الخطابات مُتحرّرة نسبيّا، ولكن كلّ تلك الفترات تلتها فترة سيطرة مُحكمة. هذا النوع من الأحداث الدورية موجود بكثرة في تاريخ الح ش ص، الأمر الذي يدلّ على طبيعته الجائرة.
في العصر الحاليّ-عصر الانترنت-لو تزور الموقع الرسمي شينهوا أو موقع البيبلز دايلي، ستكتشف أنه في الحقيقة هناك عددٌ من الأخبار التي تحتوي على معلومات سلبيّة عن الصين. ذلك لأنه، أوّلاً هناك عددٌ كبيرٌ جدّا من الأخبار السلبية يتمّ تناقلها في الصين حاليّا، ووكالة الأخبار عليها نقل هذه الأخبار لكي تحافظ على مصداقيّتها. ثانيًا، وجهة نظر مثل تلك الريبورتاجات تخدم مصلحة الح ش ص، لأنه مثلاً "انتقادات صغيرة تُساعد كثيرًا". في هذه الريبورتاجات، يتمّ دائمًا إسناد الأخطاء إلى ناس لا علاقة لهم بالحزب أبدًا، وهكذا تتمّ تزكية مصداقيّة الح ش ص ومنحه الثقة لإيجاد الحلول. يتحكّم الح ش ص بمهارة في كلّ ما يجب أن يُنقَلَ وما لا يجب أن يُنقَلَ، وإلى أيّ حدّ يجب أن يُنقَلَ، وما إذا كانت وسائل الإعلام الصينية أو وسائل الإعلام الأجنبية الخاضعة لإشراف الح ش ص هي التي تتولّى نقله.
الح ش ص خبيرٌ في معالجة الأخبار السّيئة بطريقة تتحوّل بها إلى أداةٍ تُمكّنه من كسب قلوب الناس. الكثير من الشباب في الصين لديهم الانطباع أنّ الح ش ص الآن يمنح درجة طيّبة من حرّية التعبير، لذا يظلّ لديهم الأمل ويستحسنون الح ش ص. إنّهم يقعون "ضحيّة" للاستراتيجيّات "البارعة" لوسائل الإعلام الجائرة التي تتحكّم فيها الدولة. بالإضافة إلى ذلك، عندما يخلق الح ش ص وضعيّة كارثيّة في المجتمع الصيني ثمّ يقوم بتغطية إعلاميّة مُعيّنة لها، يتسنّى له حينها أن يُهدّد الناس مُدّعيًا أن لا أحد غير الح ش ص يُمكنه أن يقود زمام مجتمع كارثيّ كذاك ويتمكّن في النهاية من إجبار الناس على الرّضا بهيمنة الح ش ص.
كذلك لا يجب أن نخطئ ونفكّر أنّ الح ش ص قد تغيّر من تلقاء نفسه إذا رأينا علامات تحسّنٍ في مجال حقوق الإنسان. تاريخيّا، عندما خاض الح ش ص حربًا للإطاحة بحكومة الكوومينتانغ، ادّعى وقتها أنه يخوض حربًا من أجل الديموقراطية للأمّة. الطبيعة الشرّيرة للح ش ص تدلّ على أنّ ولا واحدًا من وُعوده هو محلّ ثقةٍ.
V. نواح مختلفة من طبيعة الح ش ص عديمة الضمير
بيع أرض الأمّة زهوًا وافتخارًا وخيانة البلاد تحت مُسمّى "الوحدة الوطنية"
"تحرير تايوان" و "توحيد تايوان" كانا شعارا بروباغاندا الح ش ص أثناء هذه العقود الأخيرة. بواسطة هذه البروباغاندا، تصرّف الح ش ص كما لو كان وطنيّا وقوميّا ومُناضلاً. هل يهتمّ الح ش ص حقّا بسلامة أراضيه وسيادتها ؟ أبدًا بالمرّة. تايوان ليست سوى مشكل تاريخيّ وُلِد في خضمّ المعركة بين الح ش ص والكوومينتانغ وهو الطريقة التي استعملها الح ش ص لمهاجمة غريمه وكسب تأييد الشعب.
أثناء السنوات الأولى، عندما أرسى الح ش ص "السوفيات الصيني" أثناء فترة حكم الكوومينتانغ، كان الفصل 14 من دستوره يقول أنّ "كلّ مجموعة عرقيّة أو كلّ مقاطعة في الصين يُمكن لها أن تُطالب باستقلالها". بهدف الامتثال للاتّحاد السوفياتي، شعار الح ش ص لتلك الفترة كان "حماية السوفيات". أثناء الحرب الصينية-اليابانية، كان الهدف الأعلى للح ش ص هو اغتنام الفرصة للتوسّع أكثر من محاربة المُعتدي الياباني حقّا. في 1945، دخل الجيش الأحمر الروسي إلى شمال شرق الصين وارتكب السطو، والقتل، والاغتصاب، ولكنّ الح ش ص لم يُبدِ ولا مرّة اعتراضًا. ونفس الشيء، لمّا ساند الاتّحاد السوفياتي استقلال منغوليا الخارجية التي كانت تُريد أن تنفصل عن الصين، لزم الح ش ص مرّة أخرى الصمت.
في نهاية 1999، وقّع كلّ من الح ش ص وروسيا على اتّفاقيّة صينية روسية بشأن مراقبة الحدود، وفي هذه المعاهدة يُذعن الح ش ص لكلّ الاتّفاقيات اللاّ-مشروطة المُبرَمة قبل مائة عامٍ بين العائلة الحاكمة التشينغ وروسيا، وباع بذلك أكثر من مائة مليون كيلومتر مربّع من الأرض لروسيا- وهي مساحة تضاهي أكثر من 12 مرّة مساحة تايوان. سنة 2004، أمضى الح ش ص وروسيا على اتّفاقية صينية روسية إضافيّة لمراقبة الحدود على الشرق، وبالتالي فإنّ الصين فقدت من جديد –لصالح روسيا- سيادتها على نصف جزيرة هايسيادري في مقاطعة هايلونغجيانغ.
بخصوص مسائل حدودية أخرى مثل جزيرة ناتشا و دياويو، لم يعد الح ش ص يُحسّ نفسه معنيّا بالأمر، لأنّ هذه المسائل ليس لها تأثير على سلطة الح ش ص. لقد أعلن الح ش ص على أسماع الجميع مسألة "توحيد تايوان" ولكنّ ذلك لم يكن سوى سحابة من الدخان ووسائل ملتوية ليُذكي مشاعر القومية العمياء ويصرف أنظار الناس عن الصراعات الأهلية.
رجال سياسة خونة وعديمو الأخلاق
الحكومة يجب أن تكون دائمًا مُراقبَة. في البلدان الديموقراطية فصل السلطات، بالإضافة إلى حرّية التعبير والصحافة، تمثّل كلّها آليّات جيّدة للمراقبة. العقيدة الدينية تجلب المزيد من الاعتدال الأخلاقي.
الح ش ص من دُعاة الإلحاد، وبالتالي فإنه لا توجد أيّ طبيعة إلهية لتضع حدودًا أخلاقيّة لتصرّفاته. الح ش ص هو ديكتاتورية وبالتالي فليس هناك قانون ليحُدّه من الناحية السياسية ؛ ممّا ينتج عنه أنّ طبيعة الح ش ص المُستبدّة الشرّيرة حينما تظهر فلا عقلانيّة تميّز سلوك الح ش ص ولا رادع يزجره. حسب الح ش ص، من الذي يتولّى مراقبته ؟ "الح ش ص يُراقب نفسه بنفسه !" هذا هو الشعار الذي استعمله لكي يخدع الشعب طيلة عقودٍ كاملة. في الفترة الأولى كان ذلك يُسمّى "النقد الذاتيّ" ثمّ "مراقبة ذاتيّة"، ثمّ "البلورة الذاتية لحكومة الحزب"، ومؤخّرًا :"التحسين الذاتي لقدرة الحزب على ممارسة الحكم". الح ش ص يضع الثقل على قدرته المزعومة على "التحسّن الذاتي". الح ش ص لا يكتفي فقط بقول ذلك ولكنه يُبادر حقّا بالقيام بأعمال مثل إرساء "اللجنة المركزية للتفقّد التأديبي"، "مكتب المناداة"، ومكاتب أخرى مماثلة. هذه التنظيمات يُمكن أن تكون جذابة ولكنها عديمة الفائدة- فائدتها لا تتجاوز فائدة أصص الأزهار- هي مجعولة فقط لخداع الناس ونشر البلبلة بينهم.
دون ضوابط أخلاقية ولا تشريعية، "التحسّن الذاتي" للح ش ص يُذكّرنا بذلك المثل الشعبي الصيني :"الشياطين تولد من قلبه". إنها فقط تعلّة يُقدّمها الح ش ص لكي يُغلق الباب أمام أيّ مراقبة خارجية ولكي يستمرّ في رفض السماح بصحافة حرّة وأحزاب سياسية حرّة. أوغاد السياسة يستعملون هذه الألعوبة لخداع الناس وحماية شرعيّة الح ش ص ومصالح المجموعة المستحوذة على الحكم.
الح ش ص خبير في المؤامرات السياسية. "الديكتاتورية الديموقراطية الشعبية"، "المركزية الديموقراطية"، "الاستشارة السياسية" وهكذا، إنها كلّها طرق خدّاعة. باستثناء كلمة "ديكتاتورية"، كلّ الباقي كذب.
استعمال الحيلة : من المقاومة الكاذبة أثناء الغزو الياباني إلى مكافحة الإرهاب المضلّلة
طالما ادّعى الح ش ص أنه قاد خُطى الشعب الصيني نحو الانتصار على الغازي الياباني. ومع ذلك أرشيفات تاريخية كثرة جدّا تُبيّن أنّ الح ش ص تجنّب المعارك بصفة مقصودة في الحرب الصينية-اليابانية، فقد أخّر الح ش ص الجهود المُناهضة للاعتداء الياباني مُغتنمًا فرصة أنّ الكوومينتانغ كان طرفًا في الحرب ليُقوّي سلطته هو.
المعارك الكبرى الوحيدة التي قادها الح ش ص كانت معركة عنق بينغسينغ ومعركة المائة كتيبة. في معركة عنق بينغسينغ، لم يكن الح ش ص القوّة المُحرّكة أو المُهيمنة في هذه المعركة ولم يكن هو من يُسيّرها. بالعكس، فرق الح ش ص لم يفعلوا سوى أن نصبوا كمينًا للمعسكر الاحتياطي الياباني. بالنسبة لمعركة المائة كتيبة، كان هناك الاعتقاد من داخل الح ش ص أنّ المشاركة في هذه المعركة يخرق القواعد الاستراتيجية للحزب المركزي. بعد هاتين المعركتين، لم يدخل ماوو وفرقه، فرق الح ش ص – في أيّ معركة هامّة، ولم يُخرجوا للوجود أبطالاً في الحرب الصينية – اليابانية مثل دونغ تسونري أثناء الحزب ضدّ الكوومينتانغ سنة 1948 و هوانغ دجيغوانغ أثناء حرب كوريا. أثناء الحرب الصينية – اليابانية، لم يفقد الح ش ص سوى عددٍ صغيرٍ من القيادات العليا لجيشه على أرض المعركة مع العدوّ الياباني. مازال الح ش ص إلى اليوم لا يجرؤ على نشر إحصائيّات بخصوص جرحاه أثناء الحرب الصينية – اليابانية، كما لا نجد على كامل التراب االصيني الشاسع كثيرًا من المعالم التي تُؤرّخ لأبطال الح ش ص في الحرب الصينية-اليابانية.
في تلك الفترة، وضع الح ش ص "حكومة مناطق حدوديّة" في مقاطعات شآنسي و غانسو و نينغسيا، بعيدًا عن مواقع المعارك. باستعمال عبارة حاليّة كان الح ش ص يقود "بلدًا ذا نظاميْن" أو "صينان" في صين واحدة. قوّاد الح ش ص لم يكن ينقصهم الحماس في مواجهة اليابانيّين، ولكن الموظّفين السامين لم يكونوا صادقين في النضال أثناء الحرب الصينية –اليابانية. وبدلاً عن ذلك، اتّخذوا إجراءاتٍ ليُحافظوا على مواردهم ويستعملوا الحرب كفرصةٍ ليُقوّوا أنفسهم. عندما استأنف الصين واليابان علاقاتهما الديبلوماسية سنة 1972، كشف ماوو تسي تونغ لرئيس الوزراء الياباني كاكواي تاناكا أنّ الح ش ص مدين بالشكر لليابان لأنه لولا الحرب الصينية – اليابانية، ما كان الح ش ص ليصعد أبدًا إلى سدّة الحكم في الصين.
هذه هي الحقيقة بالنسبة للادّعاء الكاذب للح ش ص : ادّعائه بأنه قاد الشعب الصيني للمقاومة والصمود في وجه الحرب ضدّ اليابان لمدّة ثماني سنين كاملة إلى أن بلغ النصر في النهاية.
بعد نصف قرن من ذلك وعقب حادثة 11 سبتمبر الإرهابية في الولايات المتّحدة، أصبحت المكافحة ضدّ الإرهاب محطّ اهتمام الجميع في العالم ؛ ولجأ الح ش ص مرّة أخرى إلى استراتيجيا كاذبة شبيهة بتلك التي استعملها أثناء الحرب الصينية –اليابانية. فقد اتّخذ ذريعة مقاومة الإرهاب ليُلصق تهمة الإرهاب بالعديد من أتباع الديانات والمعارضين والمجموعات التي التي لديها فيما بينها صراعات على الأرض وصراعات عرقيّة، وتحت غطاء الانضمام للموجة العالمية لمكافحة الإرهاب، أطلق مجموعة من الإجراءات القمعيّة العنيفة.
في 27 سبتمبر 2004، ذكرت وكالة شينهوا للأنباء صحيفة سيندجينغ قائلةً أنّ بيكين سوف تضع ربّما أوّل مكتب لمكافحة الإرهاب في كلّ مقاطعات الصين ومدنها. كثير من وسائل الإعلام الأجنبيّة الموالية للح ش ص وضعت في عناوينها الكبيرة أنّ "مكتب 610 ينضمّ إلى جهود مكافحة الإرهاب" ("مكتب 610" هو شبكة وُضِعت خصّيصًا لاضطهاد ممارسي الفالون غونغ)، مُؤكّدةً أنّ هذا المكتب المكافح للإرهاب سوف يُركّز جهوده على مقاومة "المنظمات الإرهابية" ومنها الفالون غونغ.
يُلصق الح ش ص تهمة "إرهابيّ" بناس لا يملكون أيّ سلاح، يتحلّوْن بنبذ العنف عندما يتعرّضون للهجوم أو للإهانات ويذهبون بطريقة سلميّة للمطالبة بحقّهم في حرّية الاعتقاد. لقد اغتنم الح ش ص فرصة المناخ السائد وهو مقاومة الإرهاب، وعبّأ "قوّته الخاصة المناهضة للإرهاب" وشحنها بالأسلحة ليُمعن في قمع هذه المجموعة المسالمة والعزلاء. وزيادة على ذلك اتّخذ من مكافحة الإرهاب ذريعة ليهرب من الاهتمام العالمي ومن الإدانة بسبب اضطهاده للفالون غونغ. مختلف أشكال الكذب المستعملة اليوم لا تختلف عن تلك التي استعملها الح ش ص أثناء الحرب الصينية –اليابانية وهي طريقة مُخجلة لمعالجة قضيّة جدّية مثل الجهود العالمية ضدّ الإرهاب.
التظاهر بالصدق وقبول الأشياء ظاهريّا مع رفضها في الباطن
الح ش ص لا يُؤمن بمذاهبه ولكنه يُجبر الآخرين على الإيمان بها. إنها واحدة من أكثر الطرق مكرًا من التي تستعملها طائفة الح ش ص. الح ش ص يعلم أنّ مذاهبه مغلوطة وأنّ فكرة الاشتراكية خاطئة. هو لا يُؤمن بمذاهبه الخاصة ولكنه يُجبر الناس على الإيمان بها. وهو يضطهد الناس التي لا تُؤمن بها. إنّ الح ش ص يُدخل على الدستور –وبطريقة وقحة فجّة- ايديولوجيا خادعة ويعتمدها كما لو كانت أساس الدولة الصينية. في الناحية العملية، يُمكن أن نلاحظ ظاهرة هامّة : وسط الصراع، يفقد الكثير من الموظّفين مراكزهم وذلك بسبب الفساد الذي ينخر الساحة السياسية الصينية. هؤلاء الأشخاص هم أنفسهم من يدّعون الأمانة والنزاهة والتجرّد أثناء الاجتماعات العامّة، بينما هم في الخفاء يُمارسون الغشّ، والفساد، وسلوكيّات أخرى منحطّة. الكثير من هؤلاء الذين يزعمون أنهم "خدّام الشعب" سقطوا بتلك الطريقة، ونذكر منهم لي دجيانتينغ- الوالي السابق لمقاطعة يونّان، ليو فانغران- أمين الحزب في مقاطعة غيشو، شانغ وايغاوو- أمين الحزب في مقاطعة هيباي، تيان فانغشان-وزير الأرض والموارد، ووانغ هوايجونغ-لواء ووالي مقاطعة آنهوي. ومع ذلك لو تأمّلنا في خطاباتهم، سنكتشف أنه في كلّ مرّة بدون استثناء، كانوا يُساندون حملات مناهضة الفساد، ويأمرون بصفة متكرّرة موظّفيهم بتوخّي النزاهة، بينما هم أنفسهم كانوا يسرقون المال من الخزينة العامّة ويأخذون الرشاوي.
رغم أنّ الح ش ص مكّن الكثير من الإطارات المثالية من الصعود ورغم أنه جلب ناسًا مثاليّين ونشطين للالتحاق بالحزب وذلك بُغية تلميع صورته، الكلّ يستطيع أن يرى اليوم في أيّ حالة مُزرية توجد الأخلاق في الصين، وهي لم تفتأ تنحدر. لماذا لم تفعل بروباغاندا الح ش ص شيئًا من أجل قيام "حضارة روحيّة" لإصلاح هذا الأمر ؟
في حقيقة الأمر، لمّا تغنّى قادة الحزب الشيوعي بـ "الميزات الأخلاقية للشيوعية" أو رفعوا شعار "في خدمة الشعب"، كانوا يٌمارسون الكذب بعينه. إنّ التناقض بين القول والفعل لدى القادة الشيوعيّين يمكن أن نجده عند الأب الروحيّ لهم، مؤسس الشيوعية : كارل ماركس. لقد أنجب ماركس طفلاً غير شرعيّ. أمّا لينين فقد أصيب بمرض السيفيليس لكثرة معاشرته للمومسات. ستالين وقع تتبّعه قضائيّا لأنه أجبر راقصة على إقامة علاقة جنسية معه. ماوو تسي تونغ كان يعيش في عربدة مطلقة. جيانغ زمين إنسان مهووس جنسيّا بحقّ. كلّ أفراد عائلة القائد الشيوعي الروماني تشاوسيسكو أثروْا ثراءًا فاحشًا. القائد الشيوعي الكوبيّ كاسترو يُكدّس مئات ملايين الدولارات في أرصدة بنوك أجنبية. سفّاح كوريا الشمالية الشيطاني كيم II تسونغ وأبناؤه يعيشون حياة كلّها بذخ وانحراف.
المواطنون العاديّن في الصين-في سائر الأيام- يتقزّزون من دورات الدروس السياسية، ويجدونها جوفاء. إنهم يتحدّثون اليوم بطريقة ملتبسة أكثر فأكثر عن الشؤون السياسية، لأنّ الكلّ يعلم أنّ هذه الدورات كلّها خداع. ولكن لا أحد من بينهم، لا المُحاضر ولا المستمعون يجرؤ على الحديث بصراحة عن هذه الأكاذيب. إنه "سرّ شائع". الناس يُسمّون هذه الظاهرة : "التمثيل الصادق". المفاهيم التي يصدح بها الح ش ص، مثل "التمثيلات الثلاث" التي ظهرت منذ بضعة سنين، أو "تحسين القدرة على الحكم" التي أتت بعدها، أو "القلوب الثلاثة" التي ظهرت اليوم- أو "تدفئة قلوب الناس، وتهدئة قلوب الناس، وكسب قلوب الناس" – كلّها ترّهات. من هو الحزب الحاكم في الدنيا الذي لا يعرض امتيازات على شعبه ؟ من هو الحزب الحاكم في الدنيا الذي لا يهتمّ بتحسين قدرته على الحكم ؟ من هو الحزب الحاكم في الدنيا الذي لا يحاول كسب قلوب الناس ؟ كلّ حزب يُهمل هذه النواحي سيجد نفسه سريعًا مطرودًا خارج الحلبة السياسية. ولكنّ الح ش ص يتعامل مع هذه الشعارات الفارغة كما لو كانت نظريّات معقّدة وعميقة ويُجبر الشعب بأكمله على تدارسها.
لقد طغى التمثيل على تفكير الملايين من الناس وعاداتهم وشكّلها، لقد صار هذا ثقافة الحزب، لذلك فقد أصبح المجتمع بأكمله مزيّفًا، ومتكبّرًا، وغبيّا، مجتمع يفتقد للنزاهة والثقة هو مجتمع في أزمة. لماذا خلق الح ش ص مثل هذه الظروف ؟ في الماضي كان هذا من أجل ايديولوجيّاته والآن هو من أجل مصلحته. أعضاء الح ش ص يعرفون أنهم يُمثّلون، ولكنهم يستمرّون في التمثيل. لو لم يكن الح ش ص يُشهر شعارات وإجراءات مثل تلك، فلن يكون بإمكانه أن يسوم الشعب العذاب. إن كان الأمر كذلك، فكيف سيجعل الناس يتبعونه ويخافونه ؟
التخلّي عن الضمير والتضحية بالعدل خدمةً لمصالح الحزب
في كتابه "التطوّر الأخلاقي للحزب" نجد لي شاوو تشي يفسّر بالأساس حاجة "أعضاء الحزب لجعل مصالحهم الشخصية في خدمة مصالح الحزب". الأشخاص المُستقيمون الذين يشغلون أنفسهم بمصلحة البلاد ومصلحة الشعب لم ينقطعوا أبدًا من صفوف الحزب، وكذلك الموظّفون النزهاء الذين كانوا فعلاً في خدمة مصالح الشعب. ولكنّ هؤلاء الموظّفين لا يستطيعون أن يبقوْا ويواصلوا طريقهم في ظلّ الآلة الجهنمية للمصالح الشخصية داخل الح ش ص. تحت الضغط المستمرّ لـ "وضع اعتبارات طبيعة الحزب فوق اعتبارات إنسانيتهم"، اكتشفوا أنه يستحيل عليهم أن يواصلوا في ذلك الطريق دون أن يُعرّضوا أنفسهم لخطر العزل من وظائفهم أو أسوء من ذلك : أن يصبحوا فاسدين بدورهم.
لقد عاش الشعب الصيني بنفسه تجربة عنف نظام حكم الح ش ص وأحسّ بهذا العنف في أعماقه، ونمّى في أعماقه خوفًا دفينًا من عنف الح ش ص. لذلك نجد الناس في الصين يخافون من تأييد صوت العدالة ولم يعودوا يعتقدون في القوانين السماوية. في البداية هم ينصاعون لسلطة الح ش ص، ثمّ تدريجيّا يفقدون الإحساس ولا يعودون يعتبرون أنفسهم معنيّين بمواضيع لا تمسّهم مباشرة. حتّى المنطق الذي تخضع له أفكارهم وقع تكييفه وتشكيله بعناية ليخضع لنفوذ الح ش ص. هذه هي نتيجة الطبيعة الإجرامية العصابويّة للح ش ص.
الح ش ص يستغلّ المشاعر الوطنية ليعبّأ الشعب
يستعمل الح ش ص شعارات "وطنيّة" و "قوميّة" لاستنفار الناس. هذه الأخيرة لم تعد فقط الصيحات الأساسية التي تجمع الناس تحت لواء الح ش ص، ولكنها أيضا أوامر تُعطى بصفة متكرّرة واستراتيجيّات تمّ اختبارها على مرّ الزمن. عندما يقرأ بعض الصينيّين القاطنين في الخارج الدعاية القومية في النّسخ الناطقة بالأجنبية لصحيفة البيبلز دايلي،- يمكن أن يجعلهم ذلك قوميّين أكثر من الصينيين القاطنين في الصين أنفسهم-على الرغم من أنهم يعيشون في الخارج منذ عقودٍ من السنين ولم يجرؤوا على العودة للعيش في الصين. بفعل الأصابع الخفية الح ش ص، نجد الشعب الصيني-والذي لم يجرؤ على قول "لا" أمام كلّ سياسة الح ش ص، استبدّ به التهوّر ودفعه لمهاجمة سفارة وقنصليّة الولايات المتحدة في الصين، وقذفها بالبيض والحجارة، وحرق سيّاراتٍ وأعلامًا أمريكيّة، كلّ هذا تحت مُسمّى "الوطنية".
كلّ مرّة واجه فيها الحزب الشيوعي وضعيّة حرجة تقتضي طاعة الناس، استعمل "الوطنية" و "القومية" لتعبئتهم سريعًا. في كلّ الحالات، وخصوصًا بشأن تايوان، وهونغ كونغ، وفالون غونغ، وحادثة اصطدام طائرة تجسّس أمريكية بطائرة قتال صينية، استعمل الح ش ص مزيجًا من طرق الترويع العنيف وغسيل الدماغ الجماعي ليوصل الناس إلى الإحساس بأنهم في حالة حرب. هذا التصرّف يشبه تصرّف الفاشيّين الألمان.
عندما يمنع مرور أيّ معلومة، يُصبح غسل الدماغ المُبرمج من قِبل الح ش ص نجاحًا منقطع النظير. الشعب الصيني، رغم أنه لا يحبّ الح ش ص، يُفكّر بالطريقة العوجاء التي زرعها فيه هذا الأخير. مثلاً أثناء الحرب التي شنّتها أمريكا على العراق، الكثير من الناس تحمّسوا وهو يشاهدون التحليل اليوميّ للأوضاع على القناة التلفزيونية سي سي تي في. أصبحوا يُحسّون بكُره شديد، وبحبّ الانتقام، وبرغبة في الصراع في نفس الوقت الذي يلعنون فيه حربًا أخرى.
انعدام الضمير- وضع الحزب في مرتبة قبل البلاد وإجبار الناس على اعتبار عدوّهم مثل والدهم
إحدى الجمل التي كثيرًا ما يستعملها الح ش ص لتهديد الناس هي "اندثار الحزب واندثار البلاد"- لاحظوا أنه يضع "الحزب" قبل "البلاد". المبدأ القاعديّ في الصين هو :"لن تكون هناك صين جديدة بدون الح ش ص". منذ نعومة أظفارهم، تتمّ تربية الناس على "الاستماع لما يقوله الحزب" و "التصرّف مثل أبناء الحزب الأبرار". يتغنّوْن بمحاسن الحزب :"أنا أعتبر الحزب مثل أمّي"، "آه، أيّها الحزب، يا أمّي الحبيبة"، "الرحمة المُخلّصة للحزب أعمق من المحيط"، "حبّي لأبي ولأمّي لا يستطيع أن يفوق حبّي للحزب". ويستجيبون لـ :"اذهب وقاتل حيث يأمرك الحزب أن تذهب". عندما تقدّم الحكومة مساعدة في حالة وقوع كارثة، كان الناس يشكرون "الحزب والحكومة"- "الحزب" أوّلاً ثمّ "الحكومة". هناك شعار عسكريّ يقول :"الحزب يتحكّم في فوّهة البندقية". وحتّى عندما حاول الخبراء الصينيّون ابتكار بدلة القضاة في المحاكم، وضعوا أربع أزرار ذهبية على ياقة البدلة، هناك أزرار مُصفّفة من الأعلى إلى الأسفل، وترمز بالترتيب إلى : الحزب، الشعب، القانون، والبلد. هذا يعني أنه حتّى وإن كنت قاضيًا، يظلّ الحزب دائمًا فوق القانون، وفوق البلد، وفوق الشعب.
لقد أصبح الحزب هو "الذات العليا" في الصين وأصبح البلد مجرّد تابع للحزب. البلد يحيا من أجل الحزب والحزب يُعتبَرُ تجسيدًا للشعب ورمزًا للبلد. محبّة الحزب، ومحبّة قائد الحزب، ومحبّة البلد اختلطت بعضها ببعض، وهو السبب الذي من أجله تشوّه مفهوم الوطنية في الصين.
تحت التأثير الخفيّ ولكن الدّؤوب لبرامج التربية ولدعاية الح ش ص، الكثير من الناس، سواءً أكانوا أعضاء في الحزب أم لا، بدؤوا يخلطون الحزب مع البلد، سواءًا عن وعي أو عن غير وعي. وانتهى بهم الأمر إلى الاعتقاد بأنّ "مصالح الحزب" أعلى من كلّ شيءٍ آخر، وإلى تأييد كون "مصالح الحزب تضاهي مصالح الشعب والبلد". عواقب مذهبة الح ش ص خلقت أخيرًا مناخًا يخون فيه الحزب المصالح القومية.
لعبة "الإصلاح" ووصف أعمال إجرامية بأنها "نجاحات كبرى"
ارتكب الح ش ص كثيرًا من الهفوات في تاريخه، ولكنه ألقى باللاّئمة دائمًا على بعض الأشخاص أو المجموعات باستعمال "الإصلاح وإعادة التأهيل". من نتائج هذا الأمر أنه لا فقط جعل الضحايا ممتنّين عميق الامتنان للح ش ص ولكنه أيضًا خوّل للح ش ص أن يغسل عنه اعماله الإجرامية. يدعو الح ش ص إلى "لا خوف من ارتكاب الأخطاء، المهمّ هو إصلاح الأخطاء" وقد أضحى هذا الشعار الوصفة السحرية للح ش ص لتجنّب الإدانة مباشرةً. لهذا يظلّ الح ش ص إلى الأبد "عظيمًا، ومجيدًا، وعادلاً".
ربّما في يوم مّا يُقرّر الح ش ص أن يكفّر عن مجزرة ساحة تيان آن مان وإعادة الاعتبار لسمعة الفالون غونغ. ولكنها لن تكون سوى خُططٍ ماكيافلية في إطار محاولة يائسة لتمديد أجل حياته التي توشك على الانطفاء. الح ش ص لا يملك أبدًا الشجاعة للتفكّر في أمره، ولعرض جرائمه على الملأ ولدفع ثمن هذه الجرائم.
VI . شرّ الح ش ص يظهر في لجوءه لإرهاب الدولة لمهاجمة مبادئ "الحق، الرحمة، الصبر"
حادثة الانتحار حرقًا في ساحة تيان آن مان، والتي كانت تمثيليّة من إخراج الح ش ص، يمكن اعتبارها كذبة القرن. بهدف القضاء على الفالون غونغ، بلغ الشرّ بهذه الحكومة إلى درجة أن تقوم بإقناع خمسة أشخاص بالتظاهر بكونهم ممارسو فالون غونغ وأن تعدّ مشهد تظاهرهم بالانتحار حرقًا. هؤلاء الأشخاص الخمسة، بتحالفهم مع الباطل ومع الكذب، وقّعوا بدون أن يشعروا على وثيقة موتهم، بعضهم ضُرب إلى حدّ الموت على أرضيّة الميدان نفسها، والآخرون قُتلوا فيما بعد. إنّ الإعادة البطيئة لتسجيل فيديو الانتحار حرقًا كما بثّته السي سي تي في، يُظهِر بما لا يدع مجالاً للشكّ أنّ ليو تشونلينغ، أحد الأشخاص الخمسة الذين أضرموا النار في أنفسهم، مات على الفور متأثّرًا بالضرب الذي تلقّاه من ضابط الشرطة. هناك أشياء أخرى تدلّ على انعدام التسلسل المنطقي للأشياء نجدها تظهر في مختلف اللقطات، مثل كيفيّة جلوس وانغ دجيندونغ، القارورة البلاستيكية (التي يُفتَرَضُ أنها ملآنة بنزينًا) التي ظلّت كما هي بين ساقيْ الرجل حتّى بعد أن وقع إطفاء النار، الحديث الذي دار بين الدكتور وليو سيي يينغ، أصغر الضحايا سنّا، وتواجد المصوّر مع الكاميرا، جاهزًا للتصوير من قبل أن تقع الحادثة حتّى. لدينا ما يكفي من الأدلّة التي تُظهِر أنّ هذا الانتحار حرقًا كان مسرحيّة إجراميّة ألّفها ووضعها نظام جيانغ زمين الفاسد لكي يُطيح بالفالون غونغ.
لقد لجأ الح ش ص لطرق لا توصف في قسوتها في سعيه للقضاء تمامًا على الفالون غونغ. لقد اختلس موارد ماليّة للأمّة وقع تجميعها على مدى الـ 20 سنة الأخيرة من الإصلاح الاقتصادي والانفتاح. لقد عبّأ الحزب، والحكومة، والجيش، والشرطة، والجواسيس، والديبلوماسيين الأجانب، ومنظمات أخرى حكومية وغير حكومية ؛ كما تحكّم في نظام التغطية الإعلامية، واضعًا حصارًا منيعًا على المعلومات بواسطة أجهزة مراقبة فرديّة وبواسطة تقنيات عالية. كلّ هذا من أجل هدف وحيد : اضطهاد مجموعة من الناس مسالمة تعتقد في الفالون غونغ، وهي طريقة ممارسة تشيكونغ صينية تقليدية للجسم والروح، وفق مبادئ "الحق، الرحمة، الصبر". اضطهاد ناس بريئين بمثل ذلك العنف، اضطهادهم من أجل عقائدهم يكشف عن الطبيعة المنحطّة للح ش ص.
لم يكذب أيّ كائن شرّير بطريقة أكثر مكرًا وأكثروقاحةً كما كذب جيانغ زمين والح ش ص. إنهم يستعملون أكاذيب مختلفة، كلّ منها موجّه بدقّة لمختلف المفاهيم والأفكار التي يملكها الناس ويهدف للتحكّم فيها واستخدامها، ممّا يخوّل لهم خداع الناس بأكثر سهولة، ويخوّل للحزب أن يُحرّض الناس على كره الفالون غونغ. أتعتقد في العلم ؟ سيقول الح ش ص أنّ الفالون غونغ يُروّج للخرافات. أترى أنّ السياسة كريهة ؟ سيقول الح ش ص أنّ الفالون غونغ ناشط سياسيّا. أتغارُ من الأثرياء سواءً كانوا في الصين أم في الخارج ؟ سيقول الح ش ص أنّ ممارسي الفالون غونغ يُكدّسون الثروات. أأنت ضدّ المنظمات ؟ سيقول الح ش ص أنّ الفالون غونغ منظمة سرّية. أكرهتَ عبادة الفرد الواحد التي توجد في الصين منذ عقودٍ ؟ سيقول الح ش ص أنّ تمارين الفالون غونغ تمارس سيطرة ذهنية ونفسية على الشخص. أمُغرمٌ أنت بالوطنية ؟ سيقول الح ش ص أنّ الفالون غونغ هو ضدّ الصين. أتخشى الفوضى ؟ سيقول الح ش ص أنّ الفالون غونغ زعزع الاستقرار. أتؤمن بأنّ الفالون غونغ يدعو إلى الحق والرحمة والصبر ؟ سيقول الح ش ص أنّ الفالون غونغ ليس صادقًا ولا رحيمًا ولا متسامحًا. بل إنه شوّه حقيقة الأشياء لدرجة أنه ادّعى أنّ الرحمة يُمكن أن تُذكي الرغبة في القتل.
هل تظنّ أنّ الحكومة غير قادرة على صنع هذه الأكاذيب ؟ الح ش ص يخترع أكاذيب أكبر من هذه وأفظع من هذه، تمتدّ من أخبار الانتحار إلى الانتحار حرقًا، ومن مقتل الأقارب إلى جرائم القتل الجماعي – أكاذيب كثيرة وكثيرة من الصعب عليك ألاّ تصدّقها. هل تتعاطف مع الفالون غونغ ؟ إذًا فالح ش ص سيُقيّمك من وجهة نظر سياسية في إطار اضطهاد الفالون غونغ : إن ذهب ممارسو الفالون غونغ الذين أنت مسؤول عنهم إلى بيكين للمطالبة بحقوقهم، فسيتمّ تخفيض رتبتك أو تنحيتك من وظيفتك، أو حرمانك من منحتك. باختصار يُجبرونك على أن تكون عدوّا للفالون غونغ.
لقد اختطف الح ش ص ممارسي فالون غونغ لا يُحصى عددهم وأخضعهم لحصص غسل دماغيّ يهدف لإرغامهم على التخلّي عن معتقدهم، وعلى الطعن في الفالون غونغ وشتمها، ولانتزاع وعدٍ منهم بالتوقّف عن ممارسة الفالون غونغ. لقد استعمل الح ش ص مختلف الوسائل الشريرة لإقناعهم، مُستعينًا تارة بأقربائهم ليتدخّلوا، وطورًا بوضع مستقبلهم المهني والتعليمي في الميزان، كوسيلة للضغط عليهم، معرّضًا إيّاهم لمختلف أنواع التعذيب القاسية وبلغ به الأمر حتّى لمعاقبة أفراد عائلتهم وزملائهم. ثمّ بعد ذلك، ممارسو الفالون غونغ الذين نجحوا في غسل دماغهم يستعملونهم لغسل أدمغة الآخرين. إنّ الح ش ص الفاسد يسعى لتحويل ناس خيّرين إلى شياطين ويقودهم إلى السير في طريق مظلمة بقيّة حياتهم.
.VII اشتراكية جائرة بخصوصيّات صينية
إنّ عبارة "خصوصيّات صينية" تصلح للتستّر على جرائم الح ش ص. يُنادي الح ش ص منذ القديم بأنّ الثورة الصينية مدينة بنجاحها لـ "تنزيل الماركسية-اللينينية في صلب الواقع المعيش للثورة الصينية". طالما استعمل الح ش ص عبارة "خصوصيّة" وأساء استعمالها إذ صارت هذه العبارة قاعدة ايديولوجية لسياسته متقلّبة الأهواء والمؤذية.
طرق مزاجيّة وخدّاعة
تحت التسمية الخادعة لـ "خصوصيّات صينية"، لم يفعل الح ش ص غير الإمعان أكثر في الجنون.
كان هدف الح ش ص في الثورة هو الاستيلاء على الممتلكات العامّة تحت مُسمّى "الإنتاجية" ؛ لقد خدع عددًا كبيرًا من الشباب وجعلهم يلتحقون بالحزب متأثرين بالمثل الشيوعية العليا التي تدعو إلى الترابط والتلاحم. الكثير منهم خانوا عائلاتهم مانحين ممتلكات العائلة للح ش ص. ولكن 83 سنة بعد انطلاق الح ش ص، ظهرت الرأسمالية من جديد كجزءٍ لا يتجزّء من الح ش ص نفسه الذي كان في الأصل يرفع شعار المساواة.
الكثير من أبناء قادة الح ش ص وأقاربهم اليوم أصبحوا الرأسماليين الجدد الأثرياء، والكثيرون من أعضاء الحزب يُريدون هم أيضًا أن ينضمّوا للأثرياء الجدد. لقد قضى الح ش ص على أصحاب الأراضي والرأسماليين باسم الثورة وسرق ممتلكاتهم. الآن، بواسطة الاختلاس والفساد، نرى أنّ "مَلـَكيّة" الح ش ص الجديدة أخرجت للوجود رأسماليين أكثر ثراءًا من ذي قبل. أولئك الذين اتّبعوا الحزب في ثوراته الأولى يتنهّدون اليوم بحسرة :"لو كنتُ أعلم ما ستؤول إليه الوضعيّة فيما بعد، ما كنتُ اتّبعتهم." بعد عقودٍ عديدةٍ من الجهود، والصراعات، والعذاب، والمعارك، اكتشفوا أنهم أعطوْا بكلّ بساطة ممتلكات إخوانهم وآبائهم وممتلكاتهم الخاصّة للايديولوجيا الفاسدة للح ش ص.
يتحدّث الح ش ص عن قاعدة اقتصادية تحدّد البناء الفوقي، في الحقيقة "البناء الفوقي المستبدّ" تفرضه قاعدة اقتصادية وبيروقراطية من موظفي الح ش ص الفاسدين- بناء فوقيّ يعتمد على العنف لكي يعيش. وبهذه الطريقة أصبح قمع الشعب السياسة الأساسية للح ش ص.
خاصّية أخرى جائرة للح ش ص هي أنه يُغيّر تعريف كلّ مفهوم ثقافي، إذ يُراجعه ويُصحّحه، ثمّ يستعمل هذا التعريف الخاص به –تعريفه هو للأشياء- لينتقد الناس ويتحكّم فيهم. كلمة "حزب" مثلاً هي أحد هذه المفاهيم. منذ القديم أنشِأت الأحزاب في الخارج سواءًا في الصين أو في خارجها. ولكن الحزب الشيوعي هو الوحيد الذي يمارس سلطته خارج الإطار الجماعي : إن التحقت بالحزب، فسيتحكّم في كلّ جوانب حياتك، بما في ذلك وعيك، وسيلة كسب قوتك، وحياتك الشخصية. عندما يستحوذ الح ش ص على السلطة السياسية، يتحكّم أيضًا في المجتمع، وفي الحكومة، وفي جهاز الدولة. ويفرض وجهة نظره في كلّ الميادين، وفي مواضيع شديدة الأهمّية مثل اختيار رئيس الدولة أو وزير الدفاع. إنه هو من يُقرّر القوانين وهو من يُقرّر كيفيّة تنفيذ القوانين، وصولاً إلى أصغر الشؤون، مثل المكان الذي يجب أن يُقيم به الشخص، ومن يمكنه أن يتزوّج، وكم من الأطفال يمكنه أن يُنجب. إنّ الح ش ص يلجأ لكلّ وسائل التحكّم التي يمكن تخيّلها.
باسم الديالكتيكية، دمّر الح ش ص تمامًا الفكر الكلاّني، وملكة التفكير الرشيد، والعقل الفلسفي. لقد أوهم الناس بمسألة "التوزيع بحسب المساهمة" وانخرط في مسار السماح لبعض الناس بالإثراء أوّلاً باستعمال وسيلة "التوزيع حسب السلطة". يتخفّى الح ش ص وراء تعلّة "خدمة الشعب بكلّ ما أوتي من جهدٍ" ليخدع أولئك الذين يُؤمنون بمُثُلٍ كتلك، ثمّ يغسل أدمغتهم غسلاً تامّا ويتحكّم فيهم، مُحوّلاً إيّاهم تدريجيّا إلى أدواتٍ طيّعةٍ "تخدم الحزب بكلّ ما أوتيت من جهدٍ" ولا تجرؤ على التعبير لنُصرة حقوق الشعب.
حزب ما كيافلّي بـ"خصوصيّات صينية"
بواسطة المبدأ الذي يضع مصالح الحزب فوق كلّ اعتبار آخر، شوّه الح ش ص المجتمع الصيني على طريقة طائفة شرّيرة عندما اعتمد مبدأ وضع مصالح الحزب فوق كلّ اعتبار آخر، وخلق كائنًا غريبًا حقّا على نطاق البشرية كلّها. هذا الكائن مختلف عن كلّ دولة أخرى، وعن كلّ منظمة أخرى. مبدئه هو أن لا مبدأ له، وخلف ابتسامته لا توجد ذرّة من الصدق. ولكن الناس الذين يملكون قلبًا طيّبًا لا يستطيعون فهم الح ش ص. عندما يعتمدون على المعايير الأخلاقية الكونية، يُصبح من الصعب عليهم تصوّر أنّ كيانًا مؤذيًا بتلك الصفة يُمكن أن يُمثّل بلدًا. تحت رداء "الخصوصيّات الصينية"، احتلّ الح ش ص له مكانًا في صفوف باقي الأمم في العالم. لقد أصبحت عبارة "خصوصيّات صينية" بمثابة تورية وتلطيف لما هو في الحقيقة "الخصوصيّات الخبيثة للح ش ص". حسب منطق "خصوصيّات صينية"، الرأسمالية المبتورة في للصين أضحت "اشتراكيّة" ؛ والبطالة تسمّى "في انتظار شغل" ؛ و"معزول من الوظيفة" يسمّى "خارج نطاق الخدمة" ؛ بينما الفقر ُيسمّى "المرحلة الابتدائية للاشتراكيّة" ؛ وأمّا "حقوق الإنسان" وحرّية التعبير والمعتقد فاختُزلت جميعها في مجرّد حقّ البقاء على قيد الحياة.
الأمّة الصينية تواجه أزمة أخلاقية لم يسبق لها مثيل
في بداية السنوات 1990، كان هناك مثل صيني شعبي رائج يقول :"أنا صعلوك ولست أخشى أحدًا". إنها من بين العواقب المُؤسفة لعقودٍ عدّة من هيمنة الصعلوك-التي بسطها الح ش ص...بما أنّ الدولة هنا استحالت إلى صعلوك. هناك انهيار أخلاقيّ سريع في جميع نواحي المجتمع يُرافق الازدهار الكاذب للاقتصاد الصيني.
ممثّلو التجمّع الشعبي الوطني الصيني يتطرّقون دائمًا في مؤتمراتهم لموضوع "النزاهة والثقة"، ممّا يدلّ على أنّ فقدان النزاهة والثقة وتدهور الأخلاق أصبحت أزمة غير مرئيّة ولكنها موجودة حقّا وفي كلّ مكان في المجتمع الصيني. فساد، تزوير، تزييف، كذب، خبث، وقواعد اجتماعية متدهورة، أصبحت خبزًا يوميّا للصينيين، والثقة الفطرية البدائية بين الناس انعدم وجودها.
البعض يقول أنه راضٍ عن تحسّن مستوى العيش ؛ أليس الاستقرار في الحياة أولويّتهم ؟ ما هو أهمّ عامل من عوامل الاستقرار ؟ إنّه الأخلاق. مجتمع توجد أخلاقه على منحدر لا يعود بإمكانه التمتّع بالأمان.
إلى حدّ يومنا هذا، هاجم الح ش ص تقريبًا كلّ الأديان المعروفة، وفكّك نظام القيم المتوارثة. الطريقة التي يستحوذ بها الح ش ص على الثروات ويخدع الناس مع انعدام تامّ للضمير كان من نتائجها أنها جذبت الناس إلى الأسفل، وأفسدت المجتمع بأكمله وقادت الشعب إلى انعدام الأمانة. يحتاج الح ش ص الذي يحكم بطرق ملتوية إلى مجتمع فاسد كي يعيش فيه، لذلك يحاول الح ش ص قدر المستطاع أن يجعل الناس ينحدرون إلى مستواه، وأن يحوّل كلّ الشعب الصيني بدرجات متفاوتة إلى متآمرين. هكذا تقضي الطبيعة المُخادعة للح ش ص على الركيزة الأخلاقية التي أسندت قوام الشعب الصيني لزمن طويل.
خاتمة
"تغيير مجاري الأنهار وأماكن الجبال أسهل من تغيير المرء لطبعه". لقد أثبت التاريخ أنه في كلّ مرّة أطلق الح ش ص قليلاً قبضته وخفّف من هيمنته، فعل ذلك دون أن تكون له نيّة التخلّي عنهما. بعد المجاعة الكبرى التي حدثت سنة 1960، تبنّى الح ش ص برنامج "حرّيات ثلاث وعقد" – سان دزي يي باوو- الذي يهدف لإصلاح الإنتاج الزراعي، ولكن دون أن تكون له نيّة تغيير وضعيّة الفلاّحين الصينيين الفقراء التي كانت عبارة عن وضعيّة "عبيد". الإصلاح الاقتصادي والتحرّر اللذان وقعا في السنوات 1980 لم يمنعا الح ش ص من رفع سكّين الجزّار على شعبه سنة 1989. في المستقبل سيستمرّ الح ش ص في تغيير واجهته، ولكنه لن يُغيّر طبيعته الجائرة.
بعض الناس يمكن أن يُفكّروا أنّ الماضي ينتمي للماضي، وأنّ الوضع تغيّر، وأنّ الح ش ص الحاليّ لم يعد هو ذاك الح ش ص القديم. البعض يقتنعون بهذا المظهر الخادع وحتّى أنهم يروْن ويعتقدون –خطأً- أنّ الح ش ص قد تحسّن أثناء مسار الإصلاحات التي خاضها وأنّ لديه النيّة في التغيّر. بهذه الطريقة هم لا يفتأون يُزيحون جانبًا ذكريات الماضي المزعجة. كلّ هذا لا يُمكن إلاّ أن يمنح لهذه الشرذمة من الصعاليك فرصة البقاء أكثر على قيد الحياة والاستمرار في تهديد الإنسانية.
كلّ الجهود التي قام بها الح ش ص الهدف منها هو محو الماضي من ذاكرة الناس. كلّ الصراعات التي يخوضها الناس تذكّرنا بالمظالم التي عانوْا منها على يد الح ش ص.
في الحقيقة تاريخ الح ش ص هو تاريخ يُصيب الناس بمرض فقدان الذاكرة، تاريخ لا يعرف فيه الأبناء ماذا عاشه آباءه وما مرّ عليهم، تاريخ يعيش فيه مئات ملايين المواطنين صراعًا داخليّا تتقاذفهم فيه تارة الرغبة في أن يلعنوا الماضي الدموي للح ش ص وتارة أخرى الأمل في مستقبل هذا الحزب.
عندما ابتُلي العالم البشري بشبح الشيوعية الشرير، أطلق الحزب الشيوعي في الطبيعة حثالة المجتمع، واعتمد على تمرّد الصعاليك لكي يستولي على السلطة السياسية. ما فعله بواسطة المجازر والطغيان، هو إرساء الاستبداد والإبقاء عليه في صورة "تملّك الحزب". بواسطة ايديولوجيا "الصراع" المزعومة-هذه الايديولوجيا التي تتناقض مع الطبيعة، ومع قوانين السماء، ومع الطبيعة البشرية ومع الكون، يُدمّر الحزب الشيوعي الضمير الإنساني والطيبة ويُدمّر الحضارة الموروثة والأخلاقيّات. بواسطة المجازر الدمويّة وغسل الدماغ، أرسى طائفة شيوعية فاسدة، مُخرجًا للوجود أمّة من النفوس الشرّيرة وذلك بهدف قيادة البلاد. تاريخ الح ش ص مكوّن من فترات عنيفة بلغ فيها الرعب الأحمر أقصاه، وفتراتٍ صعبة شارف فيها الح ش ص على الهلاك. وفي كلّ مرّة لجأ الح ش ص إلى وسائل ملتوية لكي يخرج من الأزمة، فقط ليدخل في دورةٍ جديدةٍ من العنف، مستمرّا في خداع الشعب الصيني.
عندما سيُدرك الناس الطبيعة المؤذية للح ش ص ويكفّون عن الانخداع بمظاهره الكاذبة، حينئذٍ ستدقّ ساعة النهاية بالنسبة للح ش ص ولطبيعته عديمة الضمير.
****
مقارنة مع الـ 5000 سنة من الحضارة الصينية، تُعَدّ السنوات الـ 55 من حكم الح ش ص بمثابة طرفة عين. قبل ظهور الح ش ص، خلقت الصين أبهى حضارة في تاريخ الإنسانية. ولكن الح ش ص استغلّ الاضطرابات الداخليّة في الصين والهجومات الخارجية ليجرّ الأمّة الصينية في الفوضى. عشرات ملايين الأشخاص لقوا حتفهم، وأسرٌ لا يُحصى عددها تمزّقت والموارد البيئيّة التي يعتمد عليها بقاء الصين دُمّرت. والشيء المُدمّر أكثر هو تدمير كلّ الأخلاق الصينية تقريبًا وتدمير موروثها الثقافي الغنيّ.
ما هو مستقبل الصين ؟ ما هو الاتّجاه الذي ستختاره الصين ؟ أسئلة بهذه الخطورة لا يمكن تناولها بطريقة سطحيّة. ولكن هناك شيءٌ أكيدٌ : إن لم تستقم أخلاق الأمّة من جديدٍ، إن لم يسترجع الناس علاقة الانسجام بينهم وبين الطبيعة، بينهم وبين السماء والأرض، إن لم تُسهم العقيدة أو الثقافة في تحقيق التعايش السلمي بين الأفراد، فلن تتمتّع الأمّة الصينية بمستقبل زاهر. بعد عقودٍ عديدةٍ من الغسيل الدماغي ومن القمع، حقن الح ش ص شيئًا فشيئًا في حياة الشعب الصيني طريقته في التفكير ومقاييسه في الحكم على ما هو جيّد وما هو سيّء. وانتهى الأمر بالناس إلى قبول الأمر ووجدوا أعذارًا لشرور الح ش ص وخداعه وهم بهذا قد ساهموا في الأكذوبة، ووفّروا المناخ الايديولوجي لبقاء الح ش ص على قيد الحياة.
استئصال المذاهب الفاسدة التي زرعها الح ش ص في حياتنا، وتمييز طبيعته عديمة الضمير، وإعادة تقويم طبيعتنا الإنسانية وضميرنا- هذه هي الخطوة الأولى على طريق الانتقال اللطيف نحو مجتمع متحرّر من الح ش ص.
يمكن اتّباع هذه الطريق بشكل ثابت وسلميّ لو أنّ كلّ صيني يتغيّر من الأعماق. يبدو وكأنّ الح ش ص يمتلك كلّ الموارد والآليّات العنيفة في بلادنا، ولكن لو أنّ كلّ مواطن آمن بقوّة الحق وحافظ على الأخلاق، فإنّ شبح الح ش ص الشرّير سوف يفقد دعائم وجوده ؛ ويمكن أن تعود كلّ الموارد في الحال لأيدي الناس الأخيار ؛ ويومها ستكون نهضة الصين.
فقط بدون الحزب الشيوعي يمكن أن تكون هناك صين جديدة.
فقط بدون الحزب الشيوعي ستستعيد الصين الأمل.
فقط بدون الحزب الشيوعي سيتسنّى للشعب الصيني العادل والطيّب أن يُعيد بناء تاريخ الصين الرائع من جديدٍ.
ملاحظات :
1- حسب الفكر الكونفوشيوسي التقليدي، يمارس الأباطرة والملوك الحكم بالحقّ الإلهي. لكي يكونوا جديرين بتلك السلطة، فإنّ مستوياتهم الأخلاقية يجب أن ترقى لمستوى هذه المسؤوليّة العظيمة. في "مانشيوس"، نجد فكرة شبيهة بهذه. في الآية المدعوّة :"من يمنح الحكم الملكيّ ؟" عندما سألوا مانشيوس من أعطى للامبراطور شؤون الأرض والحقّ في الحكم، أجاب :"هذا آتٍ من السماء" نجد أيضًا فكرة الحكم بالحقّ الإلهي في التراث المسيحيّ. في إحدى آيات التوراة 13 : الروم (نسخة الملك جايمس)، نجد مثلاً ما يلي :"فلنترك كلّ نفسٍ تخضع للسلطات العليا، لأنه ما من سلطةٍ أعلى من سلطة الإله ؛ والسلطات مفوّضة من طرف الإله."
2- المركز يعني النموّ الاقتصادي بينما نقطتا الارتكاز هما : الحفاظ على المبادئ الأساسية الأربعة (الطريق الاشتراكية، ديكتاتورية البروليتاريا، سلطة الح ش ص، الفكر الماركسي-اللينيني، وفكر ماوو) والاستمرار في سياسة الإصلاح والانفتاح.
3- معطيات آتية من مقال صادر عن وكالة سينهوا للأنباء في 4 مارس 2004.
4- "مو" هي وحدة لقيس المساحات في الصين. الـ"مو" الواحد يعادل 0،165 أكرًا.
5- معطيات مأخوذة من وكالة سينهوا للأنباء في 29 فبراير 2004.
6- "مبدأ الـ"لاّ" الثلاثة" ظهر في الماضي. في 1979، اقترح دانغ سياوبينغ "مبدأ الـ"لاّ" الثلاثة" ليشجّع الناس على التعبير عن آرائهم : دون بروتوكولات، دون مهاجمة، ودون تصيّدٍ للأخطاء. هذا من شأنه أن يُعيد إلى ذاكرة الناس أمرًا مُشابهًا وهو تشجيعات ماوو سنة 1950، هذه التشجيعات التي أعقبها اضطهاد عنيف لأولئك الذين تجرّؤوا على الكلام. أمّا حاليّا فالاقتراح الجديد الداعي إلى "اللاّ الثلاثة" يُشير إلى :"تطوّر بدون خصام، تطوّر بدون صراعات، وتطوّر بدون قناعة".
7- الفصل 23 من القانون الإطار الخاصّ بهونغ كونغ تمّ اقتراحه سنة 2002 من طرف هونغ كونغ تحت ضغوطاتٍ من بيكين. كان هذا الفصل يمثّل اعتداءًا لا يُستهان به على الحرّية وعلى حقوق الإنسان في هونغ كونغ، ويُزعزع سياسة "بلد ونظامان" التي وعد بها الح ش ص.
قوبل الفصل 23 بالرفض إجمالاً ووقع في النهاية التخلّي عنه سنة 2003.
8- ليو شاووتشي، رئيس الصين ما بين 1959 و1968 كان يُعتبر خليفة ماوو تسي تونغ. أثناء الثورة الثقافية (1966-1968) وقع اضطهاده ووصفه بالخائن، والجاسوس والمرتدّ، مات سنة 1969، بعد أن تعرّض لسوء المعاملة والسجن من طرف الح ش ص.
9- سي سي تي في (التلفزيون المركزي الصيني) هو ملكٌ للحكومة المركزية التي تُشرف مباشرة على إدارته. وهو يُمثّل شبكة البثّ الرئيسيّة في الصين.
10- هذه الشواهد هي عناوين أغاني كُتِبت وأنشِدت في عهد ماوو، في السنوات 1960 وبداية السنوات 1970.
11- قال ماوو أنّ "فكرة ارتكاب أخطاء تُفزعنا، ولكننا نهتمّ بإصلاحها".
12- نجد تحليلاً مفصّلاً لفيديو الانتحار حرقًا على موقع الانترنت الموالي :
http://www.clearharmony.net/articles/200109/1165.html
13- البنية الفوقيّة في إطار نظريّة الماركسية الاجتماعية تُشير إلى أشكال التفاعل بين ذات الإنسان والكيان المادّي للمجتمع.
14- مثل صيني يُؤكّد على ثبوت طبع المرء. تُرجِمَ هذا المثل أيضًا إلى :"يستطيع الثعلب أن يغيّر جلده ولكن لا يستطيع أن يغيّر عاداته".
15- عُرفت سياسات الإصلاحات الاقتصادية بـ "برنامج حرّيات ثلاثة وعقد" (سان دزاوو يي باوو) الذي اقترحه ليو شاوو تشي الذين كان رئيس الصين حينها. كان البرنامج يقترح قطع أراضٍ للاستعمال الخاصّ، والسوق الحرّة، وينصّ على أنّ المؤسّسات تتحمّل وحدها مسؤوليّة أرباحها أو خسارتها، ومسؤوليّة تحديد نسبة الإنتاج على قاعدة الأسرة الواحدة.